(76) شرح إعراب سورة هل أتى [الإنسان]
  الفراء(١) «أو» بمنزلة «لا» أي لا تطع من أثم ولا كفر. قال أبو جعفر: و «أو» تكون في الاستفهام والمجازاة والنفي بمنزلة «لا». قال أبو جعفر: ويجوز أن يكون المعنى لا تطيعنّ من أثم وكفر بوجه فتكون قريبة المعنى من الواو. قال أبو جعفر: فالقول الأول صواب على قول سيبويه، والثاني خطأ لا يكون «أو» بمعنى الواو لأنك إذا قلت: لا تكلّم زيدا أو عمرا، فمعناه لا تكلّم واحدا منهما ولا تكلّمهما إن اجتمعا وليس كذا الواو إذا قلت: لا تكلّم المأمور واحدا منهما لم يكن عاصيا أمره، «أو» إذا كلّم واحدا منهما كان عاصيا أمره وكذا الآية لا يجوز أن يطاع الآثم ولا الكفور.
  {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً ٢٥}
  {بُكْرَةً} يكون معرفة فلا ينصرف ويكون نكرة فينصرف. فهي هاهنا نكرة فلذلك صرفت لأن بعدها {وَأَصِيلاً} وهو نكرة ولا تكون معرفة إلا أن تدخل فيه الألف واللام.
  {وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً ٢٦}
  {وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ} التقدير فاسجد له من الليل {وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً} قيل: هو منسوخ بزوال فرض صلاة الليل، وقيل: هو على الندب وقيل: هو خاص للنبي ﷺ.
  {إِنَّ هؤُلاءِ يُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَراءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً ٢٧}
  {إِنَّ هؤُلاءِ يُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ} أي يحبون خير الدنيا. {وَيَذَرُونَ وَراءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً} قال سفيان: يعني الآخرة. قال أبو جعفر: وقيل: وراء بمعنى قدّام ومن يمنع من الأضداد يجيز هذا لأن وراء مشتقّ من توارى فهو يقع لما بين يديك وما خلفك. وقيل: التقدير: ويذرون وراءهم عمل يوم ثقيل. أي لا يعملون للآخرة.
  {نَحْنُ خَلَقْناهُمْ وَشَدَدْنا أَسْرَهُمْ وَإِذا شِئْنا بَدَّلْنا أَمْثالَهُمْ تَبْدِيلاً ٢٨}
  {نَحْنُ خَلَقْناهُمْ وَشَدَدْنا أَسْرَهُمْ} عن أبي هريرة قال: المفاصل. وقال ابن زيد: القوة، وقيل: هو موضع الحديث. ومن أحسن ما قيل فيه قول ابن عباس ومجاهد وقتادة قالوا: أسرهم خلقهم. قال أبو جعفر: يكون من قولهم: ما أحسن أسر هذا الرجل أي خلقه ومن هذا أخذه بأسره أي بجملته وخلقته لم يبق منه شيئا {وَإِذا شِئْنا بَدَّلْنا أَمْثالَهُمْ تَبْدِيلاً} قال ابن زيد يعني بني آدم الذين خالفوا طاعة الله جلّ وعزّ وأمثالهم من بني آدم أيضا.
(١) قرأ الكوفيون ونافع بالتاء والباقون بالياء، انظر تيسير الداني ١٧٧.