إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(81) شرح إعراب سورة إذا الشمس كورت (التكوير)

صفحة 100 - الجزء 5

  لأنها قراءة شاذّة مخالفة للمصحف مشكلة. لأنه يجوز أن يكون التقدير سألت ربها جلّ وعزّ، وسألت قاتلها. فهذا معنى مستغلق فكيف يكون بيّنا وفي معنى سئلت قولان: أحدهما أن المعنى طلب منها من قتلها توبيخا له فقيل لها: من قتلك؟ والمعنى الآخر أنها سئلت فقيل لها لم قتلت بغير ذنب توبيخا لقاتلها؟ كما يقال لعيسى : أأنت قلت للناس اتّخذوني وأمي إلهين من دون الله. وزعم الفراء⁣(⁣١) أن مثل هذا قوله: [الكامل]

  ٥٤٣ - الشّاتمي عرضي ولم أشتمهما ... والناذرين إذا لم القهما دمي⁣(⁣٢)

  ليس المعنى أنهما إذا لقياه فعلا هذا، وإنما المعنى والنادرين يقولان إذا لقيناه قتلناه، وصحّ عن ابن عباس أنه استدلّ بهذه الآية على أن الأطفال كلّهم في الجنة قال: لأن الله جلّ وعزّ قد انتصر لهم ممن ظلمهم. قال : «الله أعلم بما كانوا عاملين».

  {وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ ١٠} كذا قرأ أبو جعفر وشيبة ونافع وعاصم⁣(⁣٣)، وقرأ أبو عمرو وابن كثير ويحيى والأعمش وحمزة والكسائي {نُشِرَتْ} والحجة لهم {صُحُفاً مُنَشَّرَةً}⁣[المدثر: ٥٢] وهذا ليس من الحجج الموجبة لترك ما قرأ به من تقوم بقراءته الحجّة لأن نشرت يقع للقليل والكثير عند النحويين والقراءتان صحيحتان.

  {وَإِذَا السَّماءُ كُشِطَتْ ١١}

  وقال الفراء: نزعت وطويت قال: وكذا قشطت كما تقول: كافور وقافور.

  {وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ ١٢}

  قراءة أبي جعفر وشيبة ونافع وقراءة أبي عمرو والكوفيين {سُعِّرَتْ}⁣(⁣٤) ويحتجّ لهم بأن الجحيم واحد ويحتج عليهم بأن الجحيم وإن كان واحدا فالتكثير أولى به لكثرة سعّرت. قال أحمد بن عبيد يقال: جحمت النار أي أكثرت وقودها، وقال الفراء: جحمت الجمر جعلت بعضه على بعض ورجل جاحم بخيل ضنين.

  {وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ ١٣ عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أَحْضَرَتْ ١٤}

  بإضمار فعل كالثاني، وجواب «إذا» {عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أَحْضَرَتْ ١٤} قيل: معناه ما وجدته حاضرا كما تقول: أحمدت فلانا أي أصبته محمودا قال قتادة: ما أحضرت من عمل.

  {فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ ١٥}

  «لا» زائدة للتوكيد أي فأقسم بالخنس وفي معنى الخنس ثلاثة أقوال قد مر منها ما روي عن علي بن أبي طالب ¥ أنها النجوم الخمسة، وروى سعيد عن سماك


(١) انظر معاني الفراء ٣/ ٢٤٠.

(٢) مرّ الشاهد رقم (٥١٤).

(٣) انظر البحر المحيط ٨/ ٤٢٥.

(٤) انظر تيسير الداني ١٧٩ (قرأ ابن كثير وأبو عمرو بتخفيف الجيم والباقون بتشديدها).