إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(83) شرح إعراب سورة المطففين

صفحة 114 - الجزء 5

  وقول مجاهد أيضا يدلّ على هذا قال: تسنيم علو وكذا الاشتقاق يقال: تسنّمت الماء أتسنّمه تسنيما إذا أجريته من موضع عال، وقبر مسنم أي مرتفع، ومن هذا سنام البعير فإن قال قائل فلم انصرف تسنيم وهو معرفة اسم للمؤنث؟ قيل: تقديره أنه اسم لمذكّر للماء الجاري من ذلك الموضع العالي ومعنى عينا جاريا فقد صارت في موضع الحال.

  {إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ ٢٩}

  {إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا} أي اكتسبوا الإثم. يقال: جرم وأجرم إذا اكتسب إلا أنّ الأكثر في اكتساب الإثم أجرم وفي غيره جرم. {الَّذِينَ} اسم إنّ {أَجْرَمُوا} صلته {كانُوا} خارج من الصلة لأنه خبر «إن» أي كانوا في الدنيا {مِنَ الَّذِينَ} صدقوا بتوحيد الله {يَضْحَكُونَ} استهزءوا بهم ويروى أن أبا جهل وأصحابه ضحكوا واستهزءوا بعلي بن أبي طالب ¥ وأصحابه.

  {وَإِذا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغامَزُونَ ٣٠}

  استهزءوا بهم.

  {وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ ٣١}⁣(⁣١)

  وروى ابن أبي طلحة عن ابن عباس فاكهين يقول معجبين. قال أبو جعفر: أي معجبين بما يفعلون مسرورين به، وقال ابن زيد: فاكهين ناعمين، وزعم الفرّاء⁣(⁣٢) أن فاكهين بمعنى واحد وحكى أبو عبيد أن أبا زيد الأنصاري حكى عن العرب أن الفكه الضحوك الطيب النفس. قال محمد بن يزيد: كان الأصمعي يرفع بأبي زيد في اللغة ويذكر محلّه وتقدّمه ويذكر صدقه وأمانته قال: وكان خلف بن حيان أبو محرز على جلالته يحضر حلقته.

  {وَإِذا رَأَوْهُمْ قالُوا إِنَّ هؤُلاءِ لَضالُّونَ ٣٢}

  هذا قول الكفار في الدنيا أي لضالّون عن طريق الصواب.

  {وَما أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حافِظِينَ ٣٣}

  أي لم يرسلوا ليحفظوا عليهم أعمالهم وإنما أمروا بطاعة الله تعالى.

  {فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ ٣٤ عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ ٣٥ هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ ما كانُوا يَفْعَلُونَ ٣٦}

  {فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ ٣٤} وذلك بعد دخولهم الجنة. قال ابن عباس: يفتح لهم أبواب إلى النار فينظرون إلى الذين كانوا يسخرون في الدنيا


(١) انظر تيسير الداني ١٧٩، والبحر المحيط ٨/ ٤٣٥.

(٢) انظر معاني الفراء ٣/ ٢٤٩.