إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(84) شرح إعراب سورة انشقت (الانشقاق)

صفحة 118 - الجزء 5

  إبراهيم بن موسى عن إسماعيل عن علي بن عبد الله عن سفيان عن عمرو عن ابن عباس أنه قرأ {لَتَرْكَبُنَ}⁣(⁣١) بفتح الباء، وهي قراءة عبد الله بن مسعود والشعبي ومجاهد والأعمش وحمزة والكسائي، وقرأ المدنيون {لَتَرْكَبُنَ} بضم الباء، وهي قراءة الحسن وأبي عمرو، وقال الفرّاء: وقرئت «ليركبنّ» قال أبو جعفر: القراءة الأولى مخاطبة للواحد وبني الفعل مع النون على الفتح لخفّته، وأكثر أهل التفسير يقول: المخاطبة للنبي ، ومنهم من يقول المخاطبة لجميع الناس، والمعنى: يا أيّها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا. {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ ١٩} أي حالا بعد حال، وقيل: سماء بعد سماء إذا كان النبي . والكادح العامل وقد كدح لأهله إذا اكتسب لهم، وأنشد سيبويه: [الطويل]

  ٥٥٣ - وما الدّهر إلّا تارتان فمنهما ... أموت وأخرى أبتغي العيش أكدح⁣(⁣٢)

  و «لتركبنّ» بضم الباء مخاطبة للجماعة والضمة تدلّ على الواو المحذوفة، وليركبن إخبار عن جماعة لأن بعده {فَما لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ ٢٠} وقبله ذكر من يؤتى كتابه بيمينه، ومن يؤتاه كتابه من وراء ظهره: {فَما لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ ٢٠} في موضع نصب على الحال.

  {وَإِذا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ ٢١}

  أهل التفسير على أن المعنى لا يخضعون ولا يذلّون بالانتهاء إلى طاعة الله جلّ وعزّ.

  {بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ ٢٢}

  بالخروج من حديث إلى حديث يقع بعد الإيجاب والنفي عند البصريين.

  {وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يُوعُونَ ٢٣}

  من أوعى الشيء إذا جمعه، ووعى حفظه.

  {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ ٢٤ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ ٢٥}

  {الصَّالِحاتِ الَّذِينَ} في موضع نصب استثناء من الهاء والميم، ويجوز أن يكون استثناء ليس من الأول، كما روى عكرمة عن ابن عباس {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا}، قال الشيخ الكبير إذا كبر وضعف وقد كان يعمل شيئا من الخير وقت قوته كتب له مثل أجر ما كان يعمل قال: {لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ} أي لا يمنّ به عليهم.


(١) انظر البحر المحيط ٨/ ٤٤٠، ومعاني الفراء ٣/ ٢٥١.

(٢) مرّ الشاهد رقم (٥٢).