(85) شرح إعراب سورة البروج
  الأخدود النار ذات الوقود، بالرفع كما قرأه أبو عبد الرّحمن السلمي {وَكَذلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكاؤُهُمْ}[الأنعام: ١٣٧]. قال أبو جعفر: وهذا باب من النحو دقيق قد ذكره سيبويه وذلك أنه يجوز: ضرب زيد عمرو لأنك إذا قلت: ضرب زيد، دل على أنه له ضاربا، والتقدير ضربه عمرو، وكذا {قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ ٤} قتلتهم النار، وأنشد سيبويه: [الطويل]
  ٥٥٤ - ليبك يزيد ضارع لخصومة ... وأشعث ممّن طوّحته الطّوائح(١)
  أي يبكيه ضارع. قال الأخفش: الوقود بالفتح الحطب، والوقود بالضم الفعل: يريد المصدر أي الإيقاد.
  {إِذْ هُمْ عَلَيْها قُعُودٌ ٦}
  قال قتادة: المؤمنون، وهذا على أحد التّأويلين.
  {وَهُمْ عَلى ما يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ ٧}
  أي ليس هم بغيب.
  {وَما نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلاَّ أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ٨}
  {وَما نَقَمُوا مِنْهُمْ} ويقال: نقموا أي وما وجدوا عليهم في شيء إلا في إيمانهم بالله العزيز الحميد بانتقامه {الْحَمِيدِ} أي المحمود عند عباده بأفعاله الجميلة.
  {الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ٩}
  {الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} نعت فيه معنى المدح في موضع خفض، ويجوز أن يكون في موضع نصب على المدح، ورفع على إضمار مبتدأ. {وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} أي قد شهد على فعلهم وفعل غيرهم وعلمه ليجازيهم عليه.
  {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذابُ الْحَرِيقِ ١٠}
  {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ} قال قتادة: أحرقوهم {ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا} أي من فعلهم ذلك {فَلَهُمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذابُ الْحَرِيقِ} قال محمد بن إسحاق احترقوا في الدنيا، وكذا قال أبو العالية ولهم عذاب جهنم في الآخرة.
  {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ذلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ ١١}
  {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا} أي أمروا بتوحيد الله سبحانه. {وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ} انتهوا إلى أمر الله ونهيه. {لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ} وهي أنهار الماء وأنهار الخمر واللبن والعسل {ذلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ} أي الظفر بما طلبوا.
(١) مرّ الشاهد رقم (١٣٢).