إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(4) شرح إعراب سورة النساء

صفحة 198 - الجزء 1

  وكما قال: [الطويل]

  ٩٢ - وما بينها والكعب غوط نفانف⁣(⁣١)

  وقال بعضهم {وَالْأَرْحامَ} قسم وهذا خطأ من المعنى والإعراب لأن الحديث عن رسول الله يدلّ على النصب روى شعبة عن عون بن أبي جحيفة عن النذر بن جرير عن أبيه قال: كنت عند النبي حتى جاء قوم من مصر حفاة عراة فرأيت وجه النبي يتغير لما رأى من فاقتهم ثم صلّى الظهر وخطب الناس فقال: «يا أيّها الناس اتّقوا ربّكم والأرحام، ثم قال تصدّق رجل بديناره تصدّق رجل بدرهمه تصدّق رجل بصاع تمره»⁣(⁣٢) وذكر الحديث فمعنى هذا على النصب لأنه حضّهم على صلة أرحامهم، وأيضا فلو كان قسما كان قد حذف منه لأن المعنى: ويقولون بالأرحام أي وربّ الأرحام: ولا يجوز الحذف إلّا أن لا يصحّ الكلام إلّا عليه. وأيضا فقد صحّ عن النبي «من كان حالفا فليحلف بالله»⁣(⁣٣) فكما لا يجوز أن تحلف إلّا بالله كذا لا يجوز أن تستحلف إلّا بالله فهذا يرد قول من قال المعنى أسألك بالله وبالرّحم، وقد قال أبو إسحاق⁣(⁣٤): معنى {تَسائَلُونَ بِهِ} تطلبون حقوقكم به ولا معنى للخفض على هذا. والرحم مؤنثة ويقال: رحم ورحم ورحم ورحم. {إِنَّ اللهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} قال ابن عباس أي حفيظا. قال أبو جعفر: يقال: رقب الرجل وقد رقبته رقبة ورقبانا.

  {وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ إِنَّهُ كانَ حُوباً كَبِيراً ٢}

  {وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ} مفعولان ولا يقال: يتيم إلّا لمن بلغ دون العشر، وقيل: لا يقال: يتيم إلا لمن لم يبلغ الحلم، يروى عن علي بن أبي طالب ¥ عن النبي قال: «لا يتم بعد بلوغ»⁣(⁣٥). {وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ} أي لا تأكلوا أموال اليتامى وهي محرّمة خبيثة وتدعوا الطّيب وهو مالكم ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم أي


= وشرح أبيات سيبويه ٢/ ٢٠٧، وشرح ابن عقيل ص ٥٠٣، وشرح عمدة الحافظ ص ٦٦٢، وشرح المفصّل ٣/ ٧٨، والكتاب ٢/ ٤٠٤، وهمع الهوامع ٢/ ١٣٩.

(١) الشاهد لمسكين الدارمي في ديوانه ص ٥٣ وفيه (تنائف) بدل (نفانف)، والحيوان ٦/ ٤٩٤، والمقاصد النحوية ٤/ ١٦٤، وبلا نسبة

في الإنصاف ٢/ ٤٦٥، وشرح الأشموني ٢/ ٤٣٠، وشرح عمدة الحافظ ٦٦٣، وشرح المفصّل ٣/ ٧٩، ولسان العرب (غوط)، وتاج العروس (غوط). وصدره:

«نعلّق في مثل السواري سيوفنا»

(٢) أخرجه أحمد في مسنده ٤/ ٣٥٩، ومسلم في الزكاة ٧٠.

(٣) أخرجه الترمذي في النذور ٧/ ١٦، وابن ماجة في سننه - باب، حديث ٢٠٩٤، وأبو داود في سننه، الإيمان والنذور، حديث ٣٢٤٩، والدارمي في النذور ٢/ ١٨٥.

(٤) انظر إعراب القرآن ومعانيه للزجاج ٤٥٥، والبحر المحيط ٣/ ١٦٤.

(٥) أخرجه أبو داود في سننه ٢٨٧٣، والمتقي في كنز العمال ٩٠٤٩٩.