(4) شرح إعراب سورة النساء
  يقولون: صدقة والجمع صدقات، وإن شئت فتحت، وإن شئت أسكنت(١). قال المازني: يقال صداق المرأة بالكسر ولا يقال: بالفتح، وحكى يعقوب وأحمد ابن يحيى الفتح. {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً} مخاطبة للأزواج وزعم الفراء(٢) أنه مخاطبة للأولياء لأنهم كانوا يأخذون الصداق ولا يعطون المرأة منه شيئا فلم يبح لهم منه إلا ما طابت به نفس المرأة. قال أبو جعفر: والقول الأول أولى لأنه لم يجر للأولياء ذكر. {نَفْساً} منصوبة على البيان، ولا يجيز سيبويه ولا الكوفيون أن يتقدّم ما كان على البيان، وأجاز المازني وأبو العباس أن يتقدم إذا كان العامل فعلا وأنشد: [الطويل]
  ٩٣ - وما كان نفيسا بالفراق تطيب(٣)
  وسمعت أبا إسحاق يقول: إنّما الرواية «وما كان نفسي». {فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً} منصوب على الحال من الهاء. يقال: هنؤ الطعام ومرؤ فهو هنيء مريء على فعيل، وهنيء يهنأ فهو هني على فعل، والمصدر على فعل، وقد هنأني ومرأني فإن أفردت قلت: أمرأني بالألف.
  {وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِياماً وَارْزُقُوهُمْ فِيها وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً ٥}
  {وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ} روى سالم الأفطس عن سعيد بن جبير {وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ} قال: يعني اليتامى لا تؤتوهم أموالهم. كما قال: {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ}[النساء: ٢٩] وهذا من أحسن ما قيل في الآية وشرحه في العربية ولا تؤتوا السفهاء الأموال التي تملكونها ويملكونها كما قال: {وَنِساءِ الْمُؤْمِنِينَ}[الأحزاب: ٥٩]، وروى إسماعيل بن أبي خالد عن أبي مالك {وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ} قال: أولادكم لا تعطوهم أموالكم فيفسدوها ويبقوا بلا شيء، وروى سفيان عن حميد الأعرج عن مجاهد {وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ} قال: النساء. قال أبو جعفر: وهذا القول لا يصحّ، إنّما تقول العرب في النساء: سفائه وقد قيل «ولا تؤتوا السفهاء
(١) انظر مختصر ابن خالويه ٢٤ والبحر المحيط ٣/ ١٧٤، والقراءة الأولى لأبي واقد، والثانية بالفتح عن قتادة، والثالثة عن قتادة وأبي السمال.
(٢) انظر معاني الفراء ١/ ٢٥٦، والبحر المحيط ٣/ ١٧٤.
(٣) الشاهد للمخبّل السعدي في ديوانه ص ٢٩٠، والخصائص ٢/ ٣٨٤، ولسان العرب (صبب)، وللمخبّل السعدي أو لأعشى همدان أو لقيس بن الملوّح في الدرر ٤/ ٣٦، والمقاصد النحوية ٣/ ٢٣٥، وللمخبّل السعدي أو لقيس بن معاذ في شرح شواهد الإيضاح ص ١٨٨، وبلا نسبة في أسرار العربية ١٩٧، والإنصاف ص ٨٢٨، وشرح الأشموني ١/ ٢٦٦، وشرح ابن عقيل ٣٤٨، وشرح المفصّل ٢/ ٧٤، والمقتضب ٣/ ٣٦، وهمع الهوامع ١/ ٢٥٢، وصدره:
«أتهجر ليلى بالفراق حبيبها»