(5) شرح إعراب سورة المائدة
  {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصارى مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ٦٩}
  {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا} اسم إن. {وَالَّذِينَ هادُوا} عطف عليه. {وَالصَّابِئُونَ} وقرأ سعيد ابن جبير والصابئين(١) بالنصب، والتقدير: إن الذين آمنوا والذين هادوا من آمن بالله منهم وعمل صالحا فلهم أجرهم والصابئون والنصارى كذلك. وأنشد سيبويه وهو نظير هذا: [الوافر]
  ١٢٤ - وإلّا فاعلموا أنّا وأنتم ... بغاة ما بقينا في شقاق(٢)
  وقال الكسائي والأخفش ذكره في «المسائل الكبير»: و «الصابئون» عطف على المضمر الذي في هادوا، وقال الفراء(٣): إنما جاز الرفع لأن الذين لا يبين فيه الإعراب. قال أبو جعفر: وسمعت أبا إسحاق يقول، وقد ذكر له قول الأخفش والكسائي: هذا خطأ من جهتين: أحدهما أن المضمر المرفوع يقبح العطف عليه حتى يؤكّد، والجهة الأخرى أن المعطوف شريك المعطوف عليه فيصير المعنى: إنّ الصابئين قد دخلوا في اليهودية وهذا محال وسبيل ما لا يتبيّن فيه الإعراب وما يتبيّن فيه واحدة.
  {لَقَدْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَأَرْسَلْنا إِلَيْهِمْ رُسُلاً كُلَّما جاءَهُمْ رَسُولٌ بِما لا تَهْوى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقاً كَذَّبُوا وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ ٧٠}
  {فَرِيقاً كَذَّبُوا} أي كذبوا فريقا وكذلك {وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ}.
  {وَحَسِبُوا أَلاَّ تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا ثُمَّ تابَ اللهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَاللهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ ٧١}
  {وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ} هذه قراءة الكوفيين وأبي عمرو والكسائي، وقرأ(٤) أهل الحرمين بالنصب. قال سيبويه(٥): حسبت أن لا تقول ذاك أي حسبت أنه قال: وإن
(١) هذه قراءة عثمان وأبيّ وعائشة وابن جبير والجحدري وابن كثير، انظر البحر المحيط ٣/ ٥٤١.
(٢) الشاهد لبشر بن أبي خازم في الكتاب ٢/ ١٥٨، وفي ديوانه ١٦٥، وتخليص الشواهد ص ٣٧٣، وخزانة الأدب ١٠/ ٢٩٣، وشرح أبيات سيبويه ٢/ ١٤، وشرح التصريح ١/ ٢٢٨، والمقاصد النحوية ٢/ ٢٧١، وبلا نسبة في أسرار العربية ١٥٤، وشرح المفصل ٨/ ٦٩.
(٣) انظر معاني الفراء ١/ ٣١٠.
(٤) انظر الكتاب ٣/ ١٨٩.
(٥) هذه قراءة ابن عامر وعاصم أيضا.