إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(5) شرح إعراب سورة المائدة

صفحة 279 - الجزء 1

  لِسانِ داوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ} أي أمر بلعنهم فلعنّاهم ولم ينصرف داود # لأنه اسم أعجميّ لا يحسن فيه الألف واللام فإن حسنت في مثله ألف ولام انصرف نحو طاوس وراقود. {ذلِكَ} في موضع رفع بالابتداء أي ذلك اللعن. {بِما عَصَوْا}، ويجوز أن يكون على إضمار مبتدأ أي الأمر ذلك، ويجوز أن يكون في موضع نصب أي فعلنا ذلك بهم بعصيانهم واعتدائهم.

  {كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ ٧٩}

  {كانُوا لا يَتَناهَوْنَ} مرفوع لأنه فعل مستقبل وهو في موضع نصب لأنه خبر كان. {لَبِئْسَ} لام توكيد. قال أبو إسحاق: المعنى لبئس شيئا فعلهم.

  {تَرى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ ما قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذابِ هُمْ خالِدُونَ ٨٠}

  {تَرى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} هم اليهود كانوا يتولّون المشركين وليسوا على دينهم. {لَبِئْسَ ما قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللهُ عَلَيْهِمْ}، (أن) في موضع رفع على إضمار مبتدأ، وقيل: بدل مما في «لبئس ما»، ويجوز أن يكون في موضع نصب بمعنى لأن سخط الله. {وَفِي الْعَذابِ هُمْ خالِدُونَ} ابتداء وخبر.

  {وَلَوْ كانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالنَّبِيِّ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِياءَ وَلكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فاسِقُونَ ٨١}

  فدلّ بهذا على أنّ من اتّخذ كافرا وليا فليس بمؤمن.

  {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَداوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى ذلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْباناً وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ ٨٢}

  {لَتَجِدَنَ} لام قسم ودخلت النون على قول الخليل وسيبويه فرقا بين الحال والمستقبل. {أَشَدَّ النَّاسِ عَداوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ} مفعولان و {عَداوَةً} على البيان وكذا {وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى} وفي هذا قولان: أحدهما أنهم لم يكونوا نصارى على الحقيقة ولا يجوز أن يمدح الله تعالى كافرا وإنما هم قوم كانوا يؤمنون بعيسى، ولا يقولون: إنه إله فسمّوا بالنصارى قبل أن يسلموا، والقول الآخر أن المعنى: الذين قالوا إنا نصارى. {ذلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ} اسم أن ويقال في جمع قسيس مكسرا قساوسة أبدل من إحدى السينين واو، ويقال قسّ بمعناه وجمعه