إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(5) شرح إعراب سورة المائدة

صفحة 281 - الجزء 1

  وقيل: عقّدتم لأنه لجماعة. {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ} ابتداء وخبر ويجوز تنوين إطعام ونصب عشرة بغير تنوين وبتنوين على أن يكون {مَساكِينَ} في موضع نصب على البدل. {مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} البيّن في هذا أن يكون ما تطعمون ليس بالرفيع ولا بالدّون. {كِسْوَتُهُمْ} في موضع نصب وعلامة النصب فيه الياء وحذفت النون للإضافة. {أَوْ كِسْوَتُهُمْ} عطف على إطعام وكذا {أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} ويجوز «أو تحرير رقبة»، وكذا {فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ} والتقدير فعليه. {ذلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ} ابتداء وخبر والتقدير إذا حلفتم وحنثتم ثم حذف. {وَاحْفَظُوا أَيْمانَكُمْ} أمر الله جلّ وعزّ، بحفظ الأيمان وترك التهاون بها حتى تنسى ليذكرها ويقوم فيها بما يجب عليه من كفارة أو غيرها. {كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ} الكاف في موضع نصب أي يبيّن لكم آياته بيانا مثل ما بيّن لكم في كفارة اليمين.

  {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ٩٠}

  {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ} الخمر عند العرب عصير العنب إذا اشتدّ، ثم قال رسول الله : «كلّ مسكر خمر»⁣(⁣١) فجعله بمنزلة هذه التي تعرفها العرب بالخمر والأنصاب: الأوثان والأزلام القداح، والتقدير واستعمال الأزلام. {رِجْسٌ} خبر الابتداء. والرجس عند العرب كلّ عمل يقبح فعله والفعل منه رجس يرجس ورجس يرجس، والرجس بفتح الراء وإسكان الجيم الصوت والفعل من الميسر. يسر ييسر فهو ياسر ويسر. {فَاجْتَنِبُوهُ} يكون فاجتنبوا الرّجس، ويكون فاجتنبوا هذا الفعل ويكون لأحد هذه الأشياء، ويكون باقيها داخلا فيما دخل فيه.

  {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا إِذا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ٩٣}

  {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا} أي من الحلال ودلّ على هذا {إِذا مَا اتَّقَوْا} فأمّا التكرير في قوله: {إِذا مَا اتَّقَوْا ثُمَّ اتَّقَوْا} ففيه أقوال: منها أن يكون المعنى: إذا ما اتقوا الكفر ثم آمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا المعاصي ثم اتّقوا ظلم النّاس ودلّ على هذا {وَآمَنُوا} وقيل: إذا ما اتّقوا فيما مضى وصلحت «إذا» لما مضى على إضمار كانوا ثم اتّقوا للحال ثم اتّقوا في المستقبل، وقيل إذا اتّقوا للحال {ثُمَّ اتَّقَوْا} للمستقبل ثم اتقوا أقاموا على التقى، وقيل: إذا اتّقوا الكفر ثم اتّقوا الكبائر ثم اتّقوا الصّغائر.


(١) أخرجه الترمذي في كتاب الأشربة، باب ما جاء في شارب الخمر رقم (١٨٦١).