إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(6) شرح إعراب سورة الأنعام

صفحة 23 - الجزء 2

  الحبة ويخرج من الورق الأخضر نواة ميتة وحبة وهذا معنى {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِ} وروي عن ابن عباس: يخرج البشر الحيّ من النطفة الميتة والنطفة من البشر الحي. {ذلِكُمُ اللهُ} ابتداء وخبر. {فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ} فمن أين تصرفون عن الحق مع ما ترون من قدرة الله جلّ وعزّ.

  {فالِقُ الْإِصْباحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْباناً ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ٩٦}

  {فالِقُ الْإِصْباحِ} نعت وهو معرفة لا يجوز فيه التنوين عند أحد من النحويين إلا عند الكسائي ومعنى فالق الإصباح الذي خلق له فلقا وهو الفجر. يقال للفجر: فلق الصّبح وفرقه وقرأ الحسن وعيسى بن عمر {فالِقُ الْإِصْباحِ}⁣(⁣١) بفتح الهمزة وهو جمع صبح وروى الأعمش عن إبراهيم النخعي أنه قرأ فلق الإصباح⁣(⁣٢) على فعل والهمزة مكسورة والحاء منصوبة، وقرأ الحسن وعيسى بن عمر وحمزة والكسائي {وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً}⁣(⁣٣) أي جعله يصلح أن يسكن فيه وقرأ أهل المدينة وجاعل الليل سكنا⁣(⁣٤). {وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْباناً} نصب الشمس والقمر عطفا على المعنى أي وجعل، والخفض بعيد لضعف الخافض وأنك قد فرقت، وقد قرأ يزيد بن قطيب السكوني وجاعل الليل سكنا والشمس والقمر⁣(⁣٥) بالخفض عطفا على اللفظ وقال الأخفش: حسبانا أي بحسبان. قال: وهو جمع حساب مثل شهاب وشهبان وقال يعقوب: حسبان مصدر حسبت الشيء أحسبه حسبا وحسبانا، والحساب الاسم وقال غيره: جعل الله جلّ وعزّ سير الشمس والقمر بحساب لا يزيد ولا ينقص فدلّهم الله جلّ وعزّ بذلك على قدرته ووحدانيته. {ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} ابتداء وخبر.

  {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ ٩٨}

  وقرأ ابن عباس وسعيد بن جبير والحسن وأبو عمرو وعيسى والأعرج وشيبة والنخعي {فَمُسْتَقَرٌّ}. بكسر القاف.

  وقرأ أبو جعفر ونافع وحمزة والكسائي {فَمُسْتَقَرٌّ} بفتح القاف والرفع بالابتداء فيها إلا أن التقدير فيمن كسر القاف: فمنها مستقرّ والفتح بمعنى فلها مستقر: قال عبد الله بن مسعود: فلها مستقر في الرحم ومستودع في الأرض وهذا التفسير يدلّ على


(١) انظر البحر المحيط ٤/ ١٩٠، ومختصر ابن خالويه ٣٩.

(٢) وهذه قراءة ابن وثاب وأبي حيوة أيضا، انظر البحر المحيط ٤/ ١٩٠.

(٣) هذه قراءة الكوفيين، انظر البحر المحيط ٤/ ١٩٠.

(٤) انظر تيسير الداني ٨٧، والبحر المحيط ٤/ ١٩٠.

(٥) انظر مختصر ابن خالويه ٣٩.