إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(8) شرح إعراب سورة الأنفال

صفحة 101 - الجزء 2

  وقرأ الأعرج تتوفّى⁣(⁣١) على تأنيث الجماعة. {يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ} في موضع الحال. قال الفراء⁣(⁣٢): المعنى ويقولون {وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ}.

  {ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ ٥١}

  {ذلِكَ} في موضع رفع أي الأمر ذلك. {بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ} خفض بالياء. {وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} في موضع خفض نسق على (ما)، وإن شئت نصبت بمعنى و «بأنّ» وحذفت الباء بمعنى وذلك أنّ الله، ويجوز أن يكون في موضع رفع نسقا على ذلك.

  {كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ فَأَخَذَهُمُ اللهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقابِ ٥٢}

  {كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ} أي العادة في تعذيبهم عند قبض الأرواح وفي القبور كعادة آل فرعون، {وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} من الكفار وبعد هذا أيضا {كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ} وليس هذا بتكرير لأن الأول للعادة في التعذيب والثاني للعادة في التغيير.

  {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ ٥٥ الَّذِينَ عاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لا يَتَّقُونَ ٥٦}

  {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الَّذِينَ كَفَرُوا} اسم «إنّ» وخبرها، وهو مخصوص وقد بيّنه جلّ وعزّ بقوله {الَّذِينَ عاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لا يَتَّقُونَ}.

  {فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ٥٧}

  {فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ} شرط ودخلت النون توكيدا وصلح ذلك في الخبر لمّا دخلت (ما) هذا قول البصريين، وقال الكوفيون: تدخل النون الثقيلة والخفيفة مع إمّا في المجازاة للفرق بين المجازاة والتخيير. {فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ} قال الكسائي: (من) بمعنى الذي. قال أبو إسحاق: المعنى افعل بهم فعلا من القتل تفرّق به من خلفهم. {لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} أي يتذكّرون توعّدك إياهم.

  {وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْخائِنِينَ ٥٨}

  {وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ} قال الكسائي: السواء العدل، وقال الفراء⁣(⁣٣): يقال: معناه افعل بهم كما يفعلون سواء. قال: ويقال: معنى {فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى


(١) انظر البحر المحيط ٤/ ٥٠٢.

(٢) انظر معاني الفراء ١/ ٤١٣.

(٣) انظر معاني الفراء ١/ ٤١٤.