إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(8) شرح إعراب سورة الأنفال

صفحة 104 - الجزء 2

  أقوال: قال أبو جعفر: سمعت علي بن سليمان يقول: يكون عطفا على اسم الله جلّ وعزّ أي حسبك الله ومن اتّبعك قال: ومثله قول النبي «يكفينيه الله وأبناء قيلة»⁣(⁣١) والقول الثاني أن يكون التقدير: ومن اتّبعك من المؤمنين كذلك على الابتداء وأخبر كما قال الفرزدق: [الطويل]

  ١٧٥ - وعضّ زمان يا ابن مروان لم يدع ... من المال إلّا مسحتا أو مجلّف⁣(⁣٢)

  والقول الثالث: أحسنها أن يكون على إضمار بمعنى وحسبك من اتّبعك من المؤمنين وهكذا الحديث على إضمار ومن كفى. القول الأول لأنه قد صحّ عن النبي أنه نهى أن يقال: ما شاء الله وشئت، والقول الثاني فالشاعر مضطرّ فيه إذا كانت القصيدة مرفوعة وإن كان فيه غير هذا.

  {يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ ٦٥}

  {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ} اسم «يكن» فإن قال قائل: لم كسر أول العشرين وفتح أول ثلاثين وما بعده إلى ثمانين إلّا ستين؟ فالجواب عند سيبويه⁣(⁣٣) أنّ عشرين من عشرة بمنزلة اثنين من واحد فكسر أول عشرين كما كسر اثنان والدليل على هذا قولهم ستّون وتسعون كما قيل: ستّة وتسعة.

  {الْآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ٦٦}

  وقرأ أبو جعفر وعلم أنّ فيكم ضعفاء كما يقال كريم وكرماء، وقراءة أهل المدينة وأبي عمرو ضعفا⁣(⁣٤) وهو اختيار أبي حاتم وأبي عبيد. قال أبو عبيد: لكثرة من قرأ بها وأنها قراءة النبي ومن اتّبعه عليها، وهذا الكلام وإن كان أبو عبيد | معلوما منه أنه لم يقصد إلا إلى خير وإنما يقال: ومن اتّبعه فيمن يجوز أن يخالف، وإسناد الحديث ليس بذاك. وقال أبو عمرو بن العلاء: الضّعف لغة أهل الحجاز، والضّعف لغة تميم فأمّا التفريق بينهما فلا يصحّ أعني في المعنى.


(١) انظر تفسير القرطبي ٨/ ٤٣.

(٢) الشاهد للفرزدق في ديوانه ٢٦، وجمهرة أشعار العرب ٨٨٠، وجمهرة اللغة ٣٨٦، وخزانة الأدب ١/ ٢٣٧، والخصائص ١/ ٩٩، ولسان العرب (سحت) و (جلف) و (ودع)، وبلا نسبة في الإنصاف ١/ ١٨٨، وجمهرة اللغة ٤٨٧، وشرح شواهد الإيضاح ٢٧٩، وشرح المفصل ١/ ٣١، والمحتسب ١/ ١٨٠.

(٣) انظر الكتاب ١/ ٢٦٦.

(٤) انظر البحر المحيط ٤/ ٥١٣.