إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(2) شرح إعراب سورة البقرة

صفحة 40 - الجزء 1

  والفاء بمعنى «إلى» أي إلى ما فوقها، ومعنى ضربت له مثلا مثّلت له مثلا وهذه الأبنية على ضرب واحد أي على مثال واحد {فَما فَوْقَها} عطف على «ما» الأولى، وحكي أنه سمع رؤبة يقرأ إنّ الله لا يستحي أن يضرب مثلا مّا بعوضة⁣(⁣١) بالرفع وهذه لغة تميم، جعل «ما» بمعنى الذي ورفع بعوضة على إضمار ابتداء والحذف في «ما» أقبح منه في الذي لأن الذي إنّما له وجه واحد والاسم معه أطول. {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا} «الذين»: رفع بالابتداء وخبره ما بعد الفاء فلا بدّ من الفاء في جواب {أَمَّا} لأن فيها معنى الشرط أي مهما يكن من شيء فالأمر كذا. {فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُ} «أنّ» في موضع نصب بيعلمون والهاء اسمها والحق خبرها. {مِنْ رَبِّهِمْ} خفض بمن. {وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا} ولغة تميم وبني عامر «أيما» يبدلون من إحدى الميمين ياء كراهية التضعيف وعلى هذا ينشد بيت عمر بن أبي ربيعة: [الطويل]

  ١١ - رأت رجلا أيما إذا الشّمس عارضت ... فيضحى وأيما بالعشيّ فيخصر⁣(⁣٢)

  {فَيَقُولُونَ ما ذا أَرادَ اللهُ بِهذا مَثَلاً} إن شئت جعلت «ما» و «ذا» شيئا واحدا في موضع نصب بأراد. قال ابن كيسان: وهو أجود وإن شئت جعلت «ما» اسما تاما في موضع رفع بالابتداء و «ذا» بمعنى الذي هو خبر الابتداء، ويكون التقدير: ما الذي أراد الله بهذا مثلا. قال أحمد بن يحيى ثعلب: «مثلا» منصوب على القطع وقال ابن كيسان: هو منصوب على التمييز الذي وقع موقع الحال. {يُضِلُ} فعل مستقبل. {كَثِيراً} مفعول به. {وَيَهْدِي} أسكنت الياء فيه استثقالا للجمع بينها وبين ياء وكسرة. {وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ} بوقوع الفعل عليهم، والتقدير وما يضلّ به أحدا إلّا الفاسقين، ولا يجوز أن تنصبهم على الاستثناء لأن الاستثناء لا يكون إلّا بعد تمام الكلام.

  {الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ ٢٧}

  {الَّذِينَ}: في موضع نصب على النعت للفاسقين وإن شئت جعلته في موضع رفع على أنه خبر ابتداء محذوف أي هم الذين. {يَنْقُضُونَ} فعل مستقبل والمضمر الذي فيه


(١) انظر مختصر ابن خالويه ٤، والبحر المحيط ١/ ٢٦٦.

(٢) الشاهد لعمر بن أبي ربيعة في ديوانه ص ٩٤، والأزهية ص ١٤٨، والأغاني ١/ ٨١، وخزانة الأدب ٥/ ٣١٥، والدرر ٥/ ١٠٨، وشرح شواهد المغني ص ١٧٤، والمحتسب ١/ ٢٨٤، ومغني اللبيب ١/ ٥٥، وبلا نسبة في تذكرة النحاة ص ١٢٠، والجنى الداني ص ٥٢٧، ورصف المباني ص ٩٩، وشرح الأشموني ٣/ ٦٠٨، وهمع الهوامع ٢/ ٦٧.