إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(9) شرح إعراب سورة براءة

صفحة 138 - الجزء 2

  قرأ أبان بن تغلب {وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً}⁣(⁣١) وروى المفضل عن الأعمش وعاصم {وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً}⁣(⁣٢) بفتح الغين وإسكان اللام. قال الفراء: لغة أهل الحجاز وبني أسد⁣(⁣٣) غلظة بكسر الغين ولغة تميم غلظة بضم الغين.

  {وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ هَلْ يَراكُمْ مِنْ أَحَدٍ ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ ١٢٧}

  يجوز أن يكون {صَرَفَ اللهُ قُلُوبَهُمْ} دعاء عليهم أي قولوا لهم هذا ويجوز أن يكون خبرا.

  {لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ ١٢٨}

  {لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ} رفع بجاءكم، {عَزِيزٌ عَلَيْهِ} نعت وكذا {حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ} وكذا {رَؤُفٌ رَحِيمٌ} قال الفراء⁣(⁣٤): فلو قرئ: عزيزا عليه ما عنتّم حريصا رؤوفا رحيما، نصبا جاز بمعنى لقد جاءكم كذلك. قال أبو جعفر: عنتّم من قوله: أكمة عنوت إذا كانت شاقّة مهلكة. وأحسن ما قيل في هذا المعنى مما هو موافق لكلام العرب ما حدّثنا به أحمد بن محمد الأزديّ قال: حدّثني عبد الله بن محمد الخزاعي قال: سمعت عمرو بن علي يقول: سمعت عبد الله بن داود الجريبيّ يقول في قول الله جلّ وعزّ {لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ} قال: إن تدخلوا النار، حريص عليكم؟ قال: إن تدخلوا الجنة.

  {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ١٢٩}

  {فَقُلْ حَسْبِيَ اللهُ} ابتداء وخبر وكذا {وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} ومن رفع العظيم جعله نعتا لربّ.


(١) و (٢) و (٣) انظر البحر المحيط ٥/ ١١٨.

(٤) انظر معاني الفراء ١/ ٤٥٦.