إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(10) شرح إعراب سورة يونس #

صفحة 157 - الجزء 2

  بينهما أربعون سنة. قال أبو جعفر: وقد قال أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب والضحّاك كانت بينهما أربعون سنة {وَلا تَتَّبِعانِ} في موضع جزم على النهي والنون للتوكيد وحرّكت لالتقاء الساكنين واختير لها الكسر لأنها أشبهت نون الاثنين.

  {وَجاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً حَتَّى إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ٩٠}

  {قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ} في موضع نصب والمعنى «بأنه»، ومن قرأ «إنّه» بالكسر فالتقدير عنده قال صرت مؤمنا ثم استأنف «إنه»، وزعم أبو حاتم أنّ القول محذوف {وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ} ابتداء وخبر، وقد ذكرنا الحديث عن النبي عن جبرائيل أنه جعل في فيه الطين، وتأويل هذا - والله أعلم - أنه عقوبة لعدوّ الله.

  {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ عَنْ آياتِنا لَغافِلُونَ ٩٢}

  {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ} قال عبد الله بن شداد والضحاك فأخرج لهم، قالا: لتكون لمن خلفك آية ليعلموا أنه ليس إلاها كما قال الأخفش سعيد: {نُنَجِّيكَ} من النّجاء والإنجاء وقال بعضهم: نرفعك على نجوة من الأرض، قال {بِبَدَنِكَ} أي لا روح فيك، قال: وليس قول من قال «ببدنك» بدرعك بشيء.

  {فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ ٩٤}

  {فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍ} في موضع جزم بالشرط، والجواب {فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ} وقد ذكرنا معناه.

  {وَلَوْ جاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ ٩٧}

  {وَلَوْ جاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ} فأنّث كلّا على المعنى لأن المعنى ولو جاءتهم الآيات.

  {فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ ٩٨}

  {فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ} قال الأخفش والكسائي: أي فهلّا. قال الفراء⁣(⁣١): وفي حرف أبيّ (فهلا) لأن معناه أنهم لم يؤمنوا وقال غيره: المعنى فلم تكن قرية آمنت بمن


(١) انظر معاني الفراء ١/ ٤٨٩.