(11) شرح إعراب سورة هود #
  وهذا قول الفراء(١). ويقال: أناب إذا رجع، فإبراهيم ﷺ كان راجعا إلى الله جلّ وعزّ في أموره كلّها.
  {وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقالَ هذا يَوْمٌ عَصِيبٌ ٧٧}
  {وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ} وإن شئت ضممت السين لأن أصلها الضمّ. الأصل سوئ بهم من السوء، قلبت حركة الواو على السين فانقلبت ياء فإن خفّفت الهمزة ألقيت حركتها على الياء فقلت: سي بهم مخففا. ولغة شاذة التشديد. {وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً} على البيان {وَقالَ هذا يَوْمٌ عَصِيبٌ} وعصبصب على التكثير أي مكروه مجتمع الشرّ، وقد عصب أي عصب بالشرّ عصابة، ومنهم قيل: عصابة وعصبة أي مجتمعو الكلمة ومجتمعون في أنفسهم، وعصبة الرجل المجتمعون معه في النسب، وتعصّبت لفلان صرت كعضبته، ورجل معصوب مجتمع الخلق.
  {وَجاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ قالَ يا قَوْمِ هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللهَ وَلا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ ٧٨}
  {وَجاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ} في موضع الحال. {قالَ يا قَوْمِ هؤُلاءِ بَناتِي} ابتداء وخبر، {هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ} وقرأ عيسى بن عمر {هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ}، وروى سيبويه: «احتبى ابن مروان(٢) في اللّحن، أي حين قرأ {هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ}»(٣) قال أبو حاتم: ابن مروان قارئ أهل المدينة. قال الكسائي: {هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ}(٤) صواب يجعل هنّ عمادا. قال أبو جعفر: قول الخليل وسيبويه والأخفش أن هذا لا يجوز ولا تكون «هنّ» هاهنا عمادا، قال: وإنما تكون عمادا فيما لا يتمّ الكلام إلا بما بعدها نحو: كان زيد هو أخاك، لتدلّ بها على أن الأخ ليس بنعت. قال أبو إسحاق: وتدلّ على أنّ كان تحتاج إلى خبر، وقال غيره: يدلّ بها على أن الخبر معرفة أو ما قاربها. {وَلا تُخْزُونِ} في ضيفي أي لا تهينوني ولا تذلوني، وضيف يقع للاثنين والجميع على لفظ الواحد لأنه في الأصل مصدر، ويجوز فيه التثنية والجمع. {أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ} أي يرشدكم وينهاكم.
(١) انظر معاني الفراء ٢/ ٢٣.
(٢) هو محمد بن مروان السديّ، وردت عنه الرواية في حروف القرآن، انظر غاية النهاية ٢/ ٢٦١.
(٣) انظر الكتاب ٢/ ٤١٧.
(٤) هذه قراءة الحسن وزيد بن علي، وعيسى بن عمر، وسعيد بن جبير ومروان بن الحكم أيضا، انظر معجم القراءات القرآنية ٣/ ١٢٦، والبحر المحيط ٥/ ٢٤٧، وتفسير الطبري ١٢/ ٥٢، والكشاف ٢/ ٢٨٣، والمحتسب ١/ ٣٢٥.