إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(11) شرح إعراب سورة هود #

صفحة 182 - الجزء 2

  {يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ ٩٨ وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ ٩٩}

  {يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ} يقال: قدمهم يقدمهم قدما وقدوما إذا تقدّمهم {وَبِئْسَ الْوِرْدُ} رفع ببئس {الْمَوْرُودُ} رفع بالابتداء وإن شئت على إضمار مبتدأ، وكذا بئس {الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ} حكى الكسائي وأبو عبيدة⁣(⁣١): رفدته أرفده رفدا أي أعنته وأعطيته، واسم العطيّة الرفد.

  {ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْقُرى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْها قائِمٌ وَحَصِيدٌ ١٠٠}

  {ذلِكَ} رفع على إضمار مبتدأ أي الأمر ذلك وإن شئت بالابتداء، وكذا {مِنْها قائِمٌ وَحَصِيدٌ} أي منها موجود مبني ومنها مخسوف به وذاهب. قال الأخفش سعيد: حصيد أي محصود وجمعه حصدى وحصاد مثل مرضى ومراض، قال: ويجوز فيمن يعقل حصداء مثل قبيل وقبلاء.

  {وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَما أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَما زادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ ١٠١}

  {وَما ظَلَمْناهُمْ} أصل الظلم في اللغة وضع الشيء في غير موضعه، {وَلكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ} وحكى سيبويه أنه يقال: ظلم إياه. {وَما زادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ} مفعولان وهو مجاز لمّا كانت عبادتهم إياها قد خسرتهم ثواب الآخرة، قيل: ما زادوهم غير تخسير.

  {وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ١٠٢}

  {وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ} ابتداء وخبر، وقرأ عاصم الجحدريّ وكذلك أخذ ربّك إذ أخذ القرى⁣(⁣٢) فإذ لما مضى أي حين أخذ القرى، وإذا للمستقبل أي متى أخذ القرى {وَهِيَ ظالِمَةٌ} أي أهلها مثل {وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ}⁣[يوسف: ٨٢].

  {إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خافَ عَذابَ الْآخِرَةِ ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ ١٠٣}

  {ذلِكَ يَوْمٌ} ابتداء وخبر {مَجْمُوعٌ} من نعته الناس اسم ما لم يسمّ فاعله ولهذا لم يقل: مجموعون، ويجوز أن يكون الناس رفعا بالابتداء، ومجموع له خبره ولم يقل: مجموعون لأن «له» يقوم مقام الفاعل.

  {يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ ١٠٥}

  يوم يأتي لا تكلم نفس إلا بإذنه⁣(⁣٣) قراءة أهل المدينة وأبي عمرو والكسائي


(١) انظر مجاز القرآن ١/ ٢٩٨.

(٢) انظر البحر المحيط ٥/ ٢٦٠.

(٣) انظر البحر المحيط ٥/ ٢٦١.