إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(12) شرح إعراب سورة يوسف #

صفحة 213 - الجزء 2

  من الياء ألف لخفّة الألف والفتحة. {عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ} وقال: سأل قوم عن معنى شدّة حزن يعقوب فللعلماء في هذه ثلاثة أجوبة: منها أنّ يعقوب لمّا علم أنّ يوسف # حيّ فندم على ذلك، والجواب الثالث أبينها وهو أنّ الحزن ليس محظورا وإنما المحظور الولولة وشقّ الثياب والكلام بما لا ينبغي. قال النبي : «تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول ما يسخط الرب»⁣(⁣١) وقد بيّن الله جلّ وعزّ بقوله: {فَهُوَ كَظِيمٌ}.

  {قالُوا تَاللهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهالِكِينَ ٨٥}

  {قالُوا تَاللهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ} قال الكسائي: يقال: فتأت وفتئت أفعل ذلك أي ما زلت، وزعم الفراء أنّ «لا» مضمرة وأنشد: [الطويل]

  ٢٤١ - فقلت يمين الله أبرح قاعدا ... ولو قطعوا رأسي لديك وأوصالي⁣(⁣٢)

  والذي قال حسن صحيح، وزعم الخليل وسيبويه أنّ «لا» تضمر في القسم لأنه ليس فيه إشكال، ولو كان موجبا لكان باللام والنون. {حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً} يقال: حرض وحرض حروضا وحروضة إذا بلي وسقم، ورجل حارض وحرض إلّا أن حرضا لا يثنّى ولا يجمع ومثله قمن وحري لا يثنيان ولا يجمعان، وحكى أهل اللغة: أحرضه الهمّ إذا أسقمه ورجل حارض أي أحمق.

  {قالَ إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ ٨٦}

  {قالَ إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي} حقيقة البثّ في اللغة ما يرد على الإنسان من الأشياء المهلكة التي لا يتهيّأ له أن يخفيها وهو من بثثته أي فرّقته فسمّيت المصيبة بثّا مجازا.

  {يا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكافِرُونَ ٨٧}

  {يا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا} أي اذهبوا إلى هذا الذي طلب منكم أخاكم واحتال عليكم في أخذه فسلوه عنه وعن مذهبه.


(١) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب الفضائل ٦٢، والبخاري في صحيحه ٢/ ١٠٥، والبيهقي في سننه ٤/ ٦٩، والمتقي في كنز العمال ٤٠٤٧٩، والقرطبي في تفسيره ٩/ ٤٢٩، وابن عساكر في تهذيب تاريخ دمشق ١/ ٢٩٥.

(٢) الشاهد لامرئ القيس في ديوانه ٣٢، والكتاب ٣/ ٥٦٠، وخزانة الأدب ٩/ ٢٣٨، والخصائص ٢/ ٢٨٤، والدرر ٤/ ٢١٢، وشرح أبيات سيبويه ٢/ ٢٢، وشرح التصريح ١/ ١٨٥، وشرح شواهد المغني ١/ ٣٤١، وشرح المفصّل ٧/ ١١٠، ولسان العرب (يمين)، واللمع ٢٥٩، والمقاصد النحوية ٢/ ١٣، وبلا نسبة في خزانة الأدب ١٠/ ٩٣، وشرح الأشموني ١/ ١١٠، ومغني اللبيب ٢/ ٦٣٧، والمقتضب ٢/ ٣٦٢، وهمع الهوامع ٢/ ٣٨.