(13) شرح إعراب سورة الرعد
  تقف عليه الملائكة ليعلم بذلك قدرة الله جلّ وعزّ، وكذلك {وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ} وقد بيّنّا معنى {يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ}(١).
  {وَإِنْ ما نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسابُ ٤٠}
  {وَإِنْ ما نُرِيَنَّكَ} في موضع جزم بالشرط ودخلت النون توكيدا.
  {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها وَاللهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسابِ ٤١}
  {نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها} جمع طرف. وقد ذكرنا قول أهل التفسير فيه، وقال عبد الله بن عبد العزيز: الطرف الكريم من كل شيء وجمعه أطراف كما قال الأعشى: [الطويل]
  ٢٤٤ - هم الطّرف النّاكي العدوّ وأنتم ... بقصوى ثلاث تأكلون الوقائصا(٢)
  قال: وقال علي بن أبي طالب ¥ «العلم أودية في أيّ واد أخذت منه حسرت فخذ من كلّ شيء طرفا» أي خيارا وقال الله جلّ وعزّ {نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها} أي من علمائها، والعلماء هم الخيار الكرماء، ومنه «ما يدري أيّ طرفيه أطول»(٣) أي ما يدري الكرم يأتيه من ناحية أبيه أو من ناحية أمه لبلهه؟ والطّرف: الفرس الكريم، والطّارف ما استفيد.
  {وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعاً يَعْلَمُ ما تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ ٤٢}
  {فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعاً} أي لله جلّ وعزّ المكر الثابت الذي يحيق بأهله. ومعنى المكر من الله جلّ وعزّ أن ينزل العقوبة بمن يستحقها من حيث لا يعلم. {وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ} والكافر بمعنى واحد يؤدّي عن جمع.
  {وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ ٤٣}
  {قُلْ كَفى بِاللهِ} في موضع رفع. {شَهِيداً} على البيان. {وَمَنْ عِنْدَهُ} في موضع خفض عطفا على اللفظ، ويجوز أن يكون في موضع رفع على المعنى. {عِلْمُ الْكِتابِ} رفع بالابتداء.
(١) انظر البحر المحيط ٥/ ٣٨٧.
(٢) الشاهد للأعشى في ديوانه ١٩٩، ولسان العرب (طرف)، وتهذيب اللغة ١٣/ ٣٢١، وتاج العروس (طرف) وبلا نسبة في جمهرة اللغة ٨٩٥. «الباد والعدوّ».
(٣) انظر مجمع الأمثال رقم (٣٥٠٣).