إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(17) شرح إعراب سورة الإسراء

صفحة 275 - الجزء 2

  يقولون: سبحانك وبحمدك. {وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً} قيل: إنّهم إنما ظنّوا هذا بعد الحقيقة التي لا بدّ للخلق منها.

  {وَقُلْ لِعِبادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوًّا مُبِيناً ٥٣}

  {وَقُلْ لِعِبادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} أي المقالة التي هي أحسن. قال المازني: المعنى: قل لعبادي قولوا يقولوا إنّ الشيطان ينزغ بينهم أي يحرّض الكافرين على المؤمنين.

  {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلاً ٥٦}

  {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ} في الكلام حذف دلّ عليه ما بعده، والتقدير: قل ادعوا الذين زعمتم أنهم آلهتكم من دون الله فليكشفوا عنكم الضّرّ وليحوّلوكم من الضيق والشدّة إلى السّعة ودلّ على هذا {فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلاً} أي لن يحوّلوكم من الضيق والشدة إلى السعة والخصب.

  {أُولئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخافُونَ عَذابَهُ إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ كانَ مَحْذُوراً ٥٧}

  {أُولئِكَ} مبتدأ. {الَّذِينَ يَدْعُونَ} من نعته، والخبر {يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ} وفي قراءة ابن مسعود | {أُولئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ}⁣(⁣١) لأن قبله قل ادعوا، والتقدير: يبتغون الوسيلة إلى ربهم ينظرون. {أَيُّهُمْ أَقْرَبُ} فيتوسّلون: والفرق بين هؤلاء وبين من توسّل بعبادة المسيح # وغيره أن هؤلاء توسلوا وهم موحّدون وأولئك توسلوا بعبادة غير الله جلّ وعزّ فكفروا و {أَيُّهُمْ} رفع بالابتداء و {أَقْرَبُ} خبره، ويجوز أن يكون «أيّهم» بدلا من الواو ويكون بمعنى الذي، والتقدير يبتغي الذي هو أقرب الوسيلة وأضمرت «هو» وسيبويه⁣(⁣٢) يجعل أيّا على هذا التقدير مبنيّة. وهو قول مردود وسنذكر ما فيه إن شاء الله⁣(⁣٣). والذين يدعون من كان مطيعا لله جلّ وعزّ، والتقدير: يدعونهم آلهة، وفي الآية قول آخر يكون متصلا بقوله جلّ وعزّ ولقد فضّلنا بعض النبيين على بعض أولئك الذين يدعون أي أولئك النبيون الذين يدعون الله جلّ وعزّ {يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ} قال عطاء: أي القربة. قال أبو إسحاق: الوسيلة والسؤال والطلبة واحد. {وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخافُونَ عَذابَهُ} أي الذين يعبدونهم المطيعون يرجون رحمته ويخافون عذابه على الجواب الأول.


(١) انظر البحر المحيط ٦/ ٥٠.

(٢) انظر الكتاب ٢/ ٤٢٠.

(٣) انظر إعراب الآية ٦٩ - سورة مريم.