إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(21) شرح إعراب سورة الأنبياء

صفحة 51 - الجزء 3

  {قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ} فإن خفّفت الهمزة جعلتها بين الهمزة والواو، ولهذا كتبت واوا وحكى الكسائي والفراء⁣(⁣١) في التخفيف وجهين آخرين: «قل من يكلوكم» بفتح اللام وإسكان الواو، وحكيا «من يكلاكم» قال: فأما «يكلاكم» فخطأ من جهتين إحداهما: أنّ بدل الهمزة إنما يجوز في الشعر، والجهة الأخرى: أنهما يقولان في الماضي: كليته فينقلب المعنى؛ لأن المعنى كليته أوجعت كليته، ومن قال لرجل: كلأك الله، فقد دعا عليه بأن يصيبه الله بوجع في كليته، والدليل على هذا أنه لا يقال: رجل مكليّ إلّا من هذا، هكذا السماع، ولا نلتفت إلى سماع لا يصحّ. وأما {يَكْلَؤُكُمْ} فقد حكى مثله سيبويه⁣(⁣٢) في آخر الكلمة إنّ من العرب من يقول: هو الوثو⁣(⁣٣) فيبدل من الهمزة واوا حرصا على تبيينها، وفي الخفض من الوثي، وهو الكلو، ومن الكلي، وأخذت الكلا.

  قال الفراء⁣(⁣٤): ومن قال: يكلوهم قال في الماضي: كلات فيترك النبرة.

  قرأ أبو عبد الرحمن السلمي ولا تسمع الصم الدعاء⁣(⁣٥) جعلهما مفعولين فردّ عليه بعض أهل اللغة وقال: كان يجب على قوله إذا ما تنذرهم. قال أبو جعفر: وذلك جائز لأنه قد عرف المعنى.

  {مِثْقالَ حَبَّةٍ}⁣(⁣٦) اسم كان ولا خبر لها؛ لأنها بمعنى وقع، ويجوز النصب على أن تضمر فيها اسمها.

  وروي عن ابن عباس وعكرمة ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان ضياء⁣(⁣٧) بغير واو، وزعم الفراء⁣(⁣٨) أنّ حذف الواو والمجيء بها واحد، كما قال جلّ وعزّ:


(١) انظر معاني الفراء ٢/ ٢٠٤.

(٢) انظر الكتاب ٤/ ٢٩٠.

(٣) الوثء: الوهن.

(٤) انظر معاني الفراء ٢/ ٢٠٥.

(٥) انظر معاني الفراء ٢/ ٢٠٥.

(٦) انظر تيسير الداني ١٢٦.

(٧) انظر المحتسب ٢/ ٦٤.

(٨) انظر معاني الفراء ٢/ ٢٠٥.