إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(24) شرح إعراب سورة النور

صفحة 90 - الجزء 3

  {وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ} رفع بالابتداء عند سيبويه، والخبر محذوف ولا يظهره العرب {وَرَحْمَتُهُ} عطف عليه. {وَأَنَّ اللهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ} عطف عليه أيضا. وحذف جواب لو لا لأنه قد ذكر مثله بعد. قال الله: {وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِيما أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذابٌ عَظِيمٌ}

  {إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ} اسم إنّ. {عُصْبَةٌ} خبرها، ويجوز النصب في «عصبة» على الحال، ويكون الخبر {لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ} وقرأ حميد الأعرج ويعقوب {وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ}⁣(⁣١) بضم الكاف. قال الفراء⁣(⁣٢): وهو وجه جيد لأن العرب تقول:

  فلان أولى عظم كذا وكذا أي أكثره. قال أبو جعفر: والذي جاء به لا حجّة فيه لأنه قد يكون الشيء بمعنى الشيء، والحركة فيها مختلفة. والأشهر في كلام العرب في مثل هذا الكبر والكبر في النسب ويقال: الولاء للكبر.

  {لَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً} أي بإخوانهم. {وَقالُوا هذا إِفْكٌ مُبِينٌ} فأوجب الله جلّ وعزّ على المسلمين إذا سمعوا رجلا يقذف أحدا أو يذكره بقبيح لا يعرفونه به أن ينكروا عليه، ويكذّبوه، وتواعد من ترك ذلك ومن نقله.

  {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ} والأصل تتلقونه أي يأخذه بعضكم عن بعض، ويقبله بعضكم من بعض، ومثله {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ}⁣[البقرة: ٣٧] وعن عائشة ^ أنها قرأت {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ}⁣(⁣٣) وإسناده صحيح، ولا يعرف له مخرج إلّا من حديث ابن عمر الجمحي والمعنيان صحيحان لأنهم قد تلقّوه وو لقوه. والأصل: تولقونه فحذفت الواو اتباعا ليلق، يقال: ولق يلق إذا أسرع في الكذب، واشتقاقه من الولق، وهو الخفّة والسرعة.


(١) انظر معاني الفراء ٢/ ٢٤٧، والبحر المحيط ٦/ ٤٠٢.

(٢) انظر معاني الفراء ٢/ ٢٤٧.

(٣) انظر مختصر ابن خالويه ١٠٠.