إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(24) شرح إعراب سورة النور

صفحة 98 - الجزء 3

  عطفا على «من». قال أبو إسحاق: ويجوز «والطير» بمعنى مع الطير، ولم يقرأ به. قال أبو جعفر: وسمعته يجيز قمت وزيدا، بمعنى مع زيد. قال: وهو أجود من الرفع. قال: فإن قلت: قمت أنا وزيد، كان الأجود الرفع، ويجوز النصب. {كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ} يجوز أن يكون المعنى: كلّ قد علم الله صلاته وتسبيحه. ومن هذه الجهة يجوز نصب كلّ عند البصريين والكوفيين. قال أبو إسحاق: والصلاة للناس والتسبيح لغيرهم ولهم، ويجوز أن يكون المعنى: كلّ قد علم صلاة نفسه وتسبيحه.

  {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُزْجِي سَحاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ} يقال: «بين» لا يقع إلّا لاثنين فصاعدا فكيف جاء بينه؟ فالجواب أن بينه هاهنا لجماعة السحاب، كما تقول: الشجر حسن، وقد جلست بينه. وفيه قول آخر: وهو، أن يكون السحاب واحدا فجاز أن يقال: بينه لأنه مشتمل على قطع كثيرة كما قال الشاعر: [الطويل]

  ٣٠٨ - قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل ... بسقط اللّوى بين الدّخول فحومل⁣(⁣١)

  فأوقع بينا على الدخول وهو واحد لاشتماله على مواضع. هذا قول النحويين، إلا الأصمعي فإنه زعم أن هذا لا يجوز وكان يرويه «بين الدّخول وحومل»، قرأ ابن عباس والضحاك {فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ}⁣(⁣٢) وخلل: واحد خلال مثل جمل وجمال، وهو واحد يدلّ على جمع. {وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ} من قال: إنّ المعنى من جبال برد فيها، فبرد عنده في موضع خفض هكذا يقول الفراء⁣(⁣٣)، كما تقول: الإنسان من لحم ودم، والإنسان لحم ودم، ويجب أن يكون على قوله: المعنى من جبال برد فيها بتنوين الجبال، لأنه قال: الجبال هي البرد. فأما على قول البصريين


(١) الشاهد لامرئ القيس في ديوانه ٨، والأزهيّة ٢٤٤، وجمهرة اللغة ٥٦٧، والجنى الداني ٦٣، وشرح شواهد الشافية ص ٢٤٢، وشرح شواهد المغني ١/ ٤٦٣، ولسان العرب (آ)، ومجالس ثعلب ١٢٧، وهمع الهوامع ٢/ ١٢٩، وبلا نسبة في الإنصاف ٢/ ٦٥٦، وأوضح المسالك ٣/ ٣٥٩، وجمهرة اللغة ٥٨٠، والدرر ٦/ ٨٢، ورصف المباني ٣٥٣، وشرح الأشموني ٢/ ٤١٧، وشرح شافية ابن الحاجب ٢/ ٣١٦.

(٢) انظر البحر المحيط ٦/ ٤٢٦.

(٣) انظر معاني الفراء ٢/ ٢٥٦.