(30) شرح إعراب سورة الروم
  {وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ} قد ذكرناه، وكان أبو إسحاق يذهب إلى أنه على التوكيد، ويقول: إنّ قول قطرب التقدير من قبل التنزيل خطأ لأن المطر لا ينفك من التنزيل، وأنشد: [الطويل]
  ٣٣٨ - مشين كما اهتزّت رماح تسفّهت ... أغاليها مرّ الرّياح النّواسم(١)
  فأنّث المرّ، لأنّ الرياح لا تنفكّ منه، ولأن المعنى تسفّهت أعاليها الرياح، فكذا معنى: «من قبل أن ينزل عليهم المطر» من قبل المطر. ويقال: آثر وإثر. {كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ} لا يجوز فيه الإدغام لئلا يجمع فيه ساكنان.
  {وَلَئِنْ أَرْسَلْنا رِيحاً فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا} قيل: التقدير فرأوا الزرع مصفرّا، وقيل: فرأوا السحاب، وقيل فرأوا الريح، وذكّرت الريح لأنها للمرسل منها، وقال محمد بن يزيد لا يمتنع تذكير كلّ مؤنث غير حقيقي نحو أعجبني الدار، وما أشبهه {لَظَلُّوا} قال الخليل |: معناه ليظلّنّ. قال أبو إسحاق: وجاز هذا لأن في الكلام معنى المجازاة.
  {فَإِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ} جعلوا بمنزلة الموتى والصمّ، لأنهم لا ينتفعون بما يسمعون. {وَما أَنْتَ بِهادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ} قال الفراء(٢): ويجوز من ضلالتهم بمعنى وما أنت بمانعهم من ضلالتهم، وعن بمعنى وما أنت بصارفهم عن ضلالتهم.
  {اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ} قال عطية عن ابن عمر | قال: قرأت على رسول الله ﷺ: «من ضعف» فقال لي {مِنْ ضَعْفٍ}(٣) وقرأ عيسى بن عمر {مِنْ ضَعْفٍ}، وقرأ الكوفيون {مِنْ ضَعْفٍ} وهو المصدر، وأجاز النحويون منهم من ضعف، وكذا كلّ ما كان فيه حرف من حروف الحلق ثانيا أو ثالثا. قال أبو إسحاق:
  تأويله الله الذي خلقكم من النطفة التي حالكم معها الضعف ثم جعل من بعد الضعف الشبيبة.
(١) مرّ الشاهد رقم ١٤١.
(٢) انظر معاني الفراء ٢/ ٣٢٦.
(٣) انظر تيسير الداني ١٤٢.