إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(32) شرح إعراب سورة السجدة

صفحة 201 - الجزء 3

  {وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ} مبتدأ وخبر. قال أبو إسحاق: المخاطبة للنبيّ مخاطبة لأمته، والمعنى: ولو ترون، ومذهب أبي العباس غير هذا، وأن يكون المعنى: يا محمد قل للمجرم ولو ترى إذ المجرمون ناكسو رؤوسهم عند ربهم لندمت على ما كان منك وحذف جواب «لو» والقول.

  {وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها} مفعولان قيل: في معناه قولان: أحدهما أن سياق الكلام يدلّ على أنه في الآخرة أي لو شئنا لرددناهم إلى الدنيا والمحنة كما سألوا {وَلكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} أي حقّ القول منّي لأعذبنّ من عصاني بعذاب جهنّم وعلم الله جلّ وعزّ أنّه لو ردّهم لعادوا كما قال {وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ}⁣[الأنعام: ٢٨].

  {فَذُوقُوا بِما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا} في معناه قولان: أحدهما أنه من النسيان الذي لا ذكر معه أي لم تعملوا لهذا اليوم فكنتم بمنزلة الناسين، والآخر أن نسيتم بمعنى تركتم، وكذا {إِنَّا نَسِيناكُمْ} واحتجّ محمد بن يزيد بقوله: {وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ}⁣[طه: ١١٥] قال: والدليل على أنه بمعنى ترك أنّ الله جلّ وعزّ أخبر عن إبليس أنه قال له: {ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ}⁣[الأعراف: ٢٠] فلو كان آدم ناسيا لكان قد ذكّره: وأنشد: [البسيط]

  ٣٤٠ - كأنّه خارجا من جنب صفحته ... سفّود شرب نسوه عند مفتأد⁣(⁣١)

  أي تركوه ولو كان من النسيان لكانوا قد عملوا به مرّة.


(١) الشاهد للنابغة الذبياني في ديوانه ص ١٩، والأشباه والنظائر ٦/ ٢٤٣، وخزانة الأدب ٣/ ١٨٥، والخصائص ٢/ ٢٧٥، ولسان العرب (فأد)، وتهذيب اللغة ١٤/ ١٩٦، وبلا نسبة في رصف المباني ص ٢١١، وكتاب العين ٨/ ٨.