إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(33) شرح إعراب سورة الأحزاب

صفحة 208 - الجزء 3

  بشيء ودعت النفس إلى غيره كان أمر النبي أولى. وفي الحديث «أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، من ترك مالا فلورثته ومن ترك دينا أو ضياعا فعليّ»⁣(⁣١).

  {وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ} أي في الحرمة ولا يحلّ لهم تزوّجهنّ. {وَأُولُوا الْأَرْحامِ} مبتدأ و {بَعْضُهُمْ} مبتدأ ثان أو بدل {أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهاجِرِينَ} يكون التقدير وأولوا الأرحام من المؤمنين والمهاجرين، ويجوز أن يكون المعنى: أولى من المؤمنين والمهاجرين. {إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِيائِكُمْ مَعْرُوفاً} في موضع نصب استثناء ليس من الأول. قال محمد ابن الحنفية رحمة الله عليه: نزلت في إجازة الوصية لليهودي والنصراني. {كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً} أي مكتوبا في نسق كالسطر. ويقال:

  سطر والجمع أسطار، ومن قال سطر قال: أسطر وسطور يصلح لهما جميعا إلّا أنه بالمسكّن أولى وأكثر.

  {وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ} قال الثوري عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس: وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم قال: على قومهم وعن أبيّ بن كعب قال: هو مثل {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ}⁣[الأعراف: ١٧٢] الآية، قال: فأخذ ميثاقهم وعلى الأنبياء À منهم النور كأنه السّرج ثم أخذ ميثاق النبيين خاصة للرسالة قال: {وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ} الآية قال:

  «ومن نوح» ولم يقل: ونوح لأن المظهر إذا عطف على المضمر المخفوض أعيد الحرف تقول: مررت به وبزيد {وَإِبْراهِيمَ} عطف مظهر على مظهر فلم يعد الحرف وكذا {وَمُوسى وَعِيسَى}.

  {لِيَسْئَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ} قد ذكرناه.

  {فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً} وفي الحديث «نصرت بالصّبا وأهلكت عاد بالدّبور»⁣(⁣٢) وكان في هذه الريح أعظم الآيات والدلالات للنبيّ ؛ لأن الله جلّ وعزّ أرسل على أعدائه ريحا


(١) أخرجه ابن ماجة في سننه - الصدقات - باب ٣ الحديث رقم (٢٤١٧)، والترمذي في سننه - الجنائز ٤/ ٢٩١.

(٢) انظر المعجم لونسنك ٦/ ٤٦٠.