إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(37) شرح إعراب سورة الصافات

صفحة 278 - الجزء 3

  هذه قراءة الحسن وأهل المدينة ويحيى بن وثاب وهي المعروفة من قراءة أبي عمرو، وحكى يعقوب القارئ أن أبا عمرو والأعمش قرءا بزينة الكواكب⁣(⁣١) بتنوين زينة ونصب الكواكب. وهي المعروفة من قراءة عاصم، وأما حمزة فقرأ {بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ}⁣(⁣٢) بتنوين زينة وخفض الكواكب، وقراءة رابعة تجوز وهي بزينة الكواكب⁣(⁣٣) بتنوين زينة ورفع الكواكب فالقراءة الأولى {بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ} بحذف التنوين من زينة للإضافة، وهي قراءة بيّنة حسنة أي إنّا زيّنّا السماء الدنيا بتزيين الكواكب أي بحسنها، وقرأه عاصم بتنوين زينة ونصب الكواكب فيها ثلاثة أقوال: أحداهنّ أن تكون الكواكب منصوبة بوقوع الفعل عليها أي بأنا زينا الكواكب، كما تقول: عجبت من ضرب زيدا. وقال الله ø: {أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيماً}⁣[البلد: ١٤] إلّا أن هذا أحسن للتفريق، والقول الثاني أن يكون التقدير: أعني الكواكب، والقول الثالث ذكره أبو إسحاق أن يكون الكواكب بدلا من زينة على الموضع لأن موضعها نصب وقراءة حمزة {بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ} على بدل المعرفة من النكرة.

  {وَحِفْظاً} نصب على المصدر والفعل محذوف، وهو معطوف على «زينا». {مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ} نعت لشيطان. وكلّ عات من الجنّ والإنس فهو شيطان، فالعرب تسميه شيطانا.

  {لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى} هذه قراءة أهل المدينة وأبي عمرو وعاصم، وقرأ سائر الكوفيين لا يسمعون⁣(⁣٤) على أن الأصل: يتسمّعون فأدغمت التاء في السين لقربها منها. ومال أبو عبيد إلى هذه القراءة واحتجّ في ذلك أنّ العرب لا تكاد تقول: سمعت إليه، ولكن تسمعت إليه، قال: فلو كان «يسّمّعون الملأ» بغير «إلى» لكان مخفّفا. قال أبو جعفر: يقال: سمعت منه كلاما وسمعت إليه يقول كذا ومعنى سمعت إليه: أملت سمعي إليه. فأما قوله: لو كان يسمعون الملأ، فكأنه غلط، لأنه لا يقال: سمعت زيدا، وتسكت إنما تقول: سمعت زيدا يقول كذا وكذا فيسمعون إلى الملأ على هذا أبين. وقد روى الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس: {لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى} قال: هم لا يسمعون وهم يتسمّعون. وهذا قول بيّن {وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جانِبٍ}.


(١) انظر معاني الفراء ٢/ ٣٨٢، وتيسير الداني ١٥٠، والبحر المحيط ٧/ ٣٣٨.

(٢) انظر معاني الفراء ٢/ ٣٨٢، وتيسير الداني ١٥٠، والبحر المحيط ٧/ ٣٣٨.

(٣) انظر معاني الفراء ٢/ ٣٨٢، وتيسير الداني ١٥٠، والبحر المحيط ٧/ ٣٣٨.

(٤) انظر تيسير الداني ١٥١.