(41) شرح إعراب سورة السجدة (فصلت)
  أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ ١٣} فأمسكت على فيه، وناشدته الرحم أن يكفّ، وقد علمتم أنّ محمدا إذا قال شيئا لم يكذب فخفت أن ينزل بكم العذاب فناشدته الرحم أن يكفّ. قال الضحاك: {صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ} أي عذابا - وقال محمد بن يزيد: الصاعقة معناها في كلام العرب المبيدة المهلكة المخمدة فربّما استعملت للإخماد من غير إهلاك ومنه سمّي الصّعق بن حرب لأنه ضرب ضربة فخمد ثم أفاق.
  {إِذْ جاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللهَ قالُوا لَوْ شاءَ رَبُّنا لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً فَإِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ ١٤}
  {إِذْ جاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ} في معناه ثلاثة أقوال: مذهب الضحاك: أن الرسل الذين بين أيديهم من قبلهم، والذين من خلفهم الذين بحضرتهم. قال أبو جعفر: فيكون الضمير الذي في خلفهم يعود على الرسل، هذا قول وهو مذهب الفراء. وقيل: من بين أيديهم الذين بحضرتهم، ومن خلفهم الذين من قبلهم. وقيل: هما على التكثير أي جاءتهم الرسل من كلّ مكان بشيء واحد، وهو ألا يعبدوا إلّا الله.
  {فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَحِساتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَخْزى وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ ١٦}
  قرأ أبو عمرو ونافع {فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَحِساتٍ}(١) بإسكان الحاء، وأكثر القراء بكسرها فيقول: {نَحِساتٍ} واحتجّ أبو عمرو في التسكين على إجماعهم بتسكين الحاء في قولهم: نحس وفي قوله جلّ وعزّ: {فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ}[القمر: ١٩] وردّ عليه أبو عبيد هذا الاحتجاج لأن معنى {فِي يَوْمِ نَحْسٍ} في يوم شؤم وأن معنى {فِي أَيَّامٍ نَحِساتٍ} في أيام مشؤومات، والقول كما قال أبو عبيد. روى جويبر عن الضحّاك «في أيام نحسات» قال: مشؤومات عليهم، ويحتمل قراءة من قرأ {فِي أَيَّامٍ نَحِساتٍ} بإسكان الحاء أن يكون الأصل عنده نحسات ثم حذف الكسرة فيكون كمعنى نحسات، ويحتمل أن يكون وصفها بما هو فيها مجازا واتساعا.
  {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى فَأَخَذَتْهُمْ صاعِقَةُ الْعَذابِ الْهُونِ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ ١٧ وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ ١٨}
  {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ} رفعت ثمود بالابتداء ولم تصرفه على أنه اسم للقبيلة
(١) انظر تيسير الداني ١٥٦.