(42) شرح إعراب سورة حم عسق (الشورى)
  يتقدّم للكفار ذكر يكنى عنهم. {وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ} يراد به خاصّ، ولفظه عامّ أي للمؤمنين، ودلّ عليه {إِنَّ اللهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}.
  {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ اللهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ ٦}
  {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ} رفع بالابتداء {اللهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ} مبتدأ وخبره في موضع خبر «الذين».
  {وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ ٧}
  {لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها} «من» في موضع نصب والمعنى لتنذر أهل أم القرى ومن حولها {وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ} أي يوم يجمع فيه الناس {لا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ} على الابتداء. وأجاز الكسائي والفراء(١) نصب فريق بمعنى وتنذر فريقا في الجنة وفريقا في السعير يوم الجمع.
  {وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَلكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ ما لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ ٨}
  {وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً واحِدَةً} أي مؤمنين قيل: المعنى لو شاء الله لألجأهم إلى الإيمان فلم يكن لهم ثواب فيه فامتحنهم بأن رفع عنهم الإلجاء {وَلكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ} وهم المؤمنون {وَالظَّالِمُونَ} مرفوعون بالابتداء، وفي موضع أخر {وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً}[الإنسان: ٣١] والفرق بينهما أنّ ذاك بعده أعدّ وليس بعد هذا فعل أي لما أضمر لذاك فعل وواعد الظالمين.
  {أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ فَاللهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِ الْمَوْتى وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ٩}
  {فَاللهُ هُوَ الْوَلِيُ} تكون {هُوَ} زائدة لا موضع لها من الإعراب، ويجوز أن تكون اسما مرفوعا بالابتداء و {الْوَلِيُ} خبرها.
  {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللهِ ذلِكُمُ اللهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ١٠}
  {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللهِ} أي مردود إلى الله إمّا بنصّ وإمّا بدليل.
  {فاطِرُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً وَمِنَ الْأَنْعامِ أَزْواجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ١١}
  {فاطِرُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} يكون مرفوعا بإضمار مبتدأ ويكون نعتا. قال الكسائي: ويجوز {فاطِرُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} بالنصب على النداء، وقال غيره: على المدح. ويجوز
(١) انظر معاني الفراء ١/ ٢٢.