إعراب القرآن للنحاس،

أبو جعفر النحاس (المتوفى: 338 هـ)

(4) شرح إعراب سورة الزخرف

صفحة 67 - الجزء 4

  {وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَنْشَرْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذلِكَ تُخْرَجُونَ ١١}

  الكاف في موضع نصب أي تخرجون خروجا مثل ذلك. وبيّن معنى هذا عبد الله بن مسعود، وهو مما لا يؤخذ به إلا بالتوقيف، قال: يرسل الله جلّ وعزّ ماء مثل منيّ الرجال وليس شيء خلق من الأرض إلّا وقد بقي منه شيء فتنبت بذلك الجسمان واللحوم تنبت من الثرى والمطر ثم تلا عبد الله {وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَنْشَرْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذلِكَ تُخْرَجُونَ}.

  {وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعامِ ما تَرْكَبُونَ ١٢}

  {وَالَّذِي} في موضع رفع على العطف. {خَلَقَ الْأَزْواجَ} جمع زوج جمع على أفعال. وسبيل فعل من غير هذا الجنس أن يجمع على أفعل فكرهوا أن يقولوا: أزوج؛ لأن الحركة في الواو ثقيلة فحوّل إلى جمع فعل؛ لأنّ عدد الحروف واحد فشبّهوا فعلا بفعل كما شبّهوا فعلا بفعل فقالوا: زمن وأزمن {كُلَّها} توكيد ويسميه بعض النحويين صفة. وباب كلّها الجمع الكثير، والجمع القليل كلهن. {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعامِ ما تَرْكَبُونَ} إن جعلت «ما» بمعنى الذي فالضمير محذوف لطول الموسم ولو ظهر الضمير لجاز مما تركبونه على لفظ «ما» ومما تركبونها على تأنيث الجماعة، وإن جعلت «ما» مصدرا لم تحتج إلى حذف.

  {لِتَسْتَوُوا عَلى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ ١٣}

  {لِتَسْتَوُوا عَلى ظُهُورِهِ} قال الفرّاء⁣(⁣١): ولم يقل ظهورها؛ لأنه بمعنى: كثر الدرهم أي هو بمعنى الجنس. قال أبو جعفر: وأولى من هذا أن يكون يعود على لفظ «ما» لأن لفظها مذكر موحد، وكذا {ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ} جاء على التذكير.

  {وَإِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ ١٤}

  معطوف على ما قبله من القول.

  {وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبادِهِ جُزْءاً إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ ١٥}

  {وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبادِهِ جُزْءاً} ذكر معناه في ثلاثة أقوال روى ابن أبي نجيح عن


(١) انظر معاني الفراء ٣/ ٢٨.