علوم الحديث عند الزيدية والمحدثين،

عبدالله بن حمود العزي (معاصر)

دور الدولة الأموية في وضع الحديث:

صفحة 14 - الجزء 1

دور الدولة الأموية في وضع الحديث:

  فإذا كان الناس قد ركبوا الصعبة والذلول في عهد ابن عباس فكيف بما بعد عهده؟ وقد كان معاوية يُجِزلُ العطاء، ويعطى الإقطاعات الواسعة، والمراتب الرفيعة لمن وضع حديثا يذم فيه علياً وشيعته، ويمتدح معاوية وحاشيته!، ولم يقتصر على ذلك، بل ضيق الخناق على أهل البيت $، وشيعتهم رضوان الله عليهم، وحاصرهم فكرياً، وقد وجه بتتبع أهم مسائل الفكر الإسلامي التي حملها أهل البيت $ ودافعوا من أجلها، وأمر بعمل نقيضها، فأبدل التنزيه بالتشبيه، والإختيار بالجبر، والحرية بالقهر، وتحولت المنابر من وسائل إرشاد وهداية إلى وسائل شتم وغواية.

  ومن العجيب أن كل ذلك يحدث تحت ذريعة إتباع السنة والمحافظة على الجماعة!

تدوين علم الحديث ومراحل تطوره:

  فمن الطبيعي أن ينشأ مع هذه الإختلالات المذكورة تدوين قواعد علمية، يعرف بها الحديث الصحيح من السقيم، والمعروف من المنكر، والناسخ من المنسوخ، وسميت هذه القواعد بعلم الحديث، أو مصطلح الحديث، قام بتدوينها مجموعة من المحدثين، ولا يعني هذا إنها لم تكن معروفة من قبل في عهد الصحابة ومن بعدهم، بل كانت معروفة بدليل ماتقدم، ولأنهم كانوا يعتبرون توثيق الأحاديث لوناً من أحقاق الحق، وإزهاق الباطل مع تأكيد القرآن على ذلك: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا}⁣[الحجرات: ٦]، وكذلك الرسول ÷