كما شاعت في عصر الصحابة صحيفة أخرى، أمر النبي ÷ بكتابتها في السنة الأولى من الهجرة، اشتملت على حقوق المهاجرين والأنصار، وكيفية التعامل مع اليهود وعرب المدينة، مطلعها: (هذا كتاب محمد النبي رسول الله بين المؤمنين والمسلمين من قريش، وأهل يثرب ومن تبعهم، فلحقه بهم، وجاهد معهم: أنهم أمة واحدة من دون الناس)⁣^(⁣١).

  كما عني عبدالله بن العباس⁣^(⁣٢) المتوفي سنة (٦٩) هـ بكتابة الكثير من سنة رسول الله ÷ في ألواح كان يحملها في مجالس العلم⁣^(⁣٣)، ولقد روي أنه ترك حمل بعير من كتبه، وكان تلميذه البار سعيد بن جبير⁣^(⁣٤)، المتوفى سنة (٩٥) هـ، يكتب عنه مايملي عليه⁣^(⁣١) وكان

(١) علوم الحديث ومصطلحه: ٣٠ صبحي الصالح.

(٢) عبدالله بن العباس بن عبدالمطلب القرشي الهاشمي، بحر الأمة، وترجمان القرآن، ولد قبل الهجرة بثلاث سنوات، وحنكه النبي بريقه وقال: «اللهم فقهه في الدين، علمه التأويل، وهو أحد العبادله، وأحد الستة المكثرين في الرواية، وكان يجلس يوماً للتفسير، ويوماً للفقه، ويوما للشعر، ويوماً لأيام العرب، وشهد مع الإمام علي # حروبه، واستعمله على البصرة، توفي بالطائف سنة (٧٠) هـ عن واحد وسبعين، وقد كف بصره، وصلى عليه محمد بن الحنفية وقال: اليوم مات رباني هذه الأمة، وما نسب إليه من الأحاديث الضعيفة فمردود على ناقله، لأنه كان يتثبت كثيراً، وقد كذب على المصطفى ÷، فما بالك بغيره؟.

(٣) طبقات ابن سعد ١٢٣/ ٢.

(٤) سعيد بن جبير بن هشام الأسدي مولى بني وائلة، بطن بني أسد بن خزيمة، أحد أعلام التابعين وفضلائهم، روي عن مسعود، وابن عباس وثقه الإمام المؤيد بالله، وعده السيد صارم الدين من ثقاة محدثي الشيعة، وقد خرج من القراء على الحجاج فقال لم خرحت؟ قال: لبيعة في عنقي فقتله سنة (٩٥) هـ عن ٤٥ سنة، وكان خروجه مع الحسن بن الحسن.