الفصل الثاني أهم المصنفات في الحديث النبوي الشريف وأنواعها
  أو ثلاثاً حتى إن بعضهم ليكاد أن ينقلب! فيقول: هل بينكم وبينه آية؟ فتعرفونه بها؟ فيقولون: نعم! فيكشف عن ساق، فلا يبق من كان يسجد لله من تلقاء نفسه إلا أذن الله له بالسجود، ولا يقي من كان يسجد اتقاء ورياء، إلا جعل الله ظهره طبقة واحدة، كلما أراد أن يسجد خرَّ على قفاه! ثم يرفعون رؤوسهم وقد تحوَّل في صورته التي رأه فيها أول مرة فقال أنا ربكم؟ فيقولون: أنت ربنا ...)(١)، وهو حديث طويل، وإنما ذكرنا بعض مايمكن للإستشهاد به، فلو تأملنا تأملاً بسيطاً لوجدنا أن هذا الحديث مضطرب وشاذ، فهم يقولون بأن الشاذ مارواه الثقة مخالفاً به الثقات، فإذا روى الثقة حديثاً مخالفاً للقرآن أليس الأولى رده ووصفه بالشذوذ، والنكران مع العلم بأن بعض رواته ممن تكلم فيه ونسبته وأمثاله إلى البخاري ومسلم إساءة إليهما، وإن المسلم الصادق ليستحي أن ينسب هذا الحديث وأمثاله إلى الرسول ÷ لما فيه من مخالفة صريحة للقرآن وللقرائن العقلية، القاضية بتوحيد الله وتنزيهه عن مشابهة خلقه فمن الملاحظ:
  · تغيير ذات الله من صورة إلى أخرى فيتجلى بصور متعددة، وأشكال مختلفة، فهو يبدو في بعض الصور متنكراً لايعرفه بها أحد من العباد، وفي البعض الآخر يعرفونه، وهذا ماتلاحظه في: (فيأتيهم الله في غير الصورة التي يعرفون فيقول أنا ربكم؟ فيقولون: نعوذ بالله منك، فيأتيهم في الصورة التي يعرفون) فيترتب على هذا القول تغير الذات الإلهية، والتغير سمة من سمات الحدوث فيلزم منه حدوث الله تعالى ومن رأوه حتى يعرفوه؟
  ولأجل هذا الإشكال حاول القائلون له أن يتأولوه، فقالوا: إن الله يبعث
(١) البخاري: (فتح: ٢٤٩ - ٢٥٠، ومسلم: ١١٤/ ١ - ١١٧).