الفصل الرابع بطلان الإحتجاج بالإسرائيليات
  فلا بدَّ للمسلم الحريص على دينه أن يفكَر في هذه المسالة جيداً، وكذا في مثل هذا المثال، متجرّداً عن التأثيرات الجانبية، لأنَّ غايتنا وقصدنا هو الوصول للحق والتمسك بالقرآن والسنة، لا الحيد عنهما تعاطفاً مع فلان أو فلان! أو تحسين الظن بفلان وفلان، حتى يؤدي ذلك إلى إدخال كوارث وأفكار باطلة إلى هذه الشريعة الغراء!.
  ٢ - كعب الأحبار: ثبت في صحيح البخاري(١) (٣٣٣/ ١٣) عن معاوية وكان يحدّث رهطاً من قريش بالمدينة، وذكر كعب الأحبار فقال: (إن كان من أصدق هؤلاء المحدّثين الذين يحدّثون عن أهل الكتاب، وإن كنَّا مع ذلك لنبلوا عليه الكذب)(٢).
(١) في كتاب الإعتصام بالسنة / باب قول النبي ÷: «لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء».
(٢) وما حكاه الحافظ ابن حجر في «الفتح» (٣٣٥/ ١٣) عن بعض العلماء من أن المقصود بالكذب هو الخطأ! غير صحيح، ولا يُسلّم له قال الحافظ هناك: «قال ابن التين: وهذا نحو قول ابن عباس في حق كعب المذكور: بَدَّل مِنْ قِبَلِهِ فوقع في الكذب، قال: والمراد بالمحدّثين: أنداد كعب من كان من أهل الكتاب وأسلم فكان يحدّث عنهم، وكذا من نظر في كتبهم فحدَّث عمَّا فيها، قال: ولعلّهم كانوا متل كعب، إلا أن كعباً كان أشدَ منهم بصيرة وأعرف بما يتوقاه، وقال ابن حبان في كتاب الثفات: أراد معاوية أنه يخطئ أحياناً فيما يخبر به، ولم يرد أنه كان كذاباً، وقال غيره: الضمير في قوله (لنبلوا عليه) للكتاب لا لكعب، وإنما يقع كتابهم الكذب، لكونهم بدّلوه وحرَّفوه، وقال عياض: يصحُّ عوده على الكتاب ويصح عوده علي كعب، وعلى حديثه، وإن هو عليه، وليس فيه تجريح لكعب بالكذب» أقول: بل فيه تجريح صريح بالكذب! ولو كان ما قالوه من التأويل البعيد كذلك لما قال له سيدنا عمر ¥: «لتتركنَّ الأحاديث أو لأُلحقَّنك بأرض القردة» كما في تاريخ أبي زرعة (٥٤٤/ ١).