الفصل الرابع بطلان الإحتجاج بالإسرائيليات
  في صحيح مسلم (٢٧٨٩): «عن أبي هريرة، قال: أخذ رسول الله ÷ بيدي فقال: خلق الله ...»، فلفظة (أخذ رسول الله بيدي) أعلى من لفظ سمعت وحدثني وأخبرني وقال لي فقط! لأن فيها زيادة فعل وهو الأخذ باليد! ومع كون ما ورد في هذا الحديث من أعلى أنواع التحمل والسماع حقيقة، إلا أنه تبيّن أنه ليس هناك سماع مطلقاً من النبي ÷ في هذا الخبر! رغم وجود لفظ (أخذ بيدي)، ولذلك قلت بأنَّ أحاديث الصحابة المذكورين وإن كانت واردة في الصحاح مرفوعة فيمكن أن نردَّها!
  وإذا ثبت أن الإمام البخاري وعلي بن المديني وغيرهما من الحفاظ نصوا على أنَّ هذه الرواية هي عن أبي هريرة عن كعب الأحبار، وليست عن النبي ÷، رغم وقوعهما في أحد الصحيحين بأعلى أنواع التحمل والسماع أو الرواية، فالسؤال هنا: مَنْ هو الذي وضع لفظ (أخذ رسول الله بيدي ...)؟!.
  وقد ثبت بأنَّ أبا هريرة كان يروي عن كعب الأحبار ما في التوراة، ففي الموطأ (٢٤٣) ومسند أحمد (٤٨٦/ ٢) بإسناد صحيح عن أبي هريرة قال: «خرجت إلى الطور فلقيت كعب الأحبار، فجلست معه فحدثني عن التوراة وحدثته عن رسول الله ÷ ...» ومن هذا المثال الذي أوردناه ثبت لديَّ قاعدة لمستها في غيره من الأحاديث أيضاً وهي: أنَّ التصريح بالرفع لا يفيد شيئاً! وإنما ينبغي التأمل في المتن، فإن وجد فيه ما يخالف الأصول وكان رواية من المشهورين برواية الإسرائيليات فهو غير صحيح، وإن كان إسناده صحيحاً متصلاً مرفوعاً وفي الصحاح!.