الفصل الرابع بطلان الإحتجاج بالإسرائيليات
  وتقدَّم النقل عن «سير أعلام النبلاء» (٦٠٦/ ٢) وعن «البداية والنهاية» (١٠٩/ ٨) عن بسر بن سعيد: (وهو من كبار الصحابة ومن رجال الستة قال: «اتقوا الله وتحفظا من الحديث، فوالله لقد رأيتنا نجالس أبا هريرة فيحدِّث عن رسول الله ÷، ويحدِّثنا عن كعب، ثمّ يقوم، فأسمع بعض مَنْ كان معنا يجعل حديث رسول الله ÷ عن كعب، ويجعل حديث كعب عن رسول الله ÷»(١).
  أقول: يستفاد من هذا النص فائدة كبيرة في تأييد ما قلناه من أنَّ بعض الأحاديث التي نستنكرها من أحاديث الصحيحين وغيرهما إنما هي عن كعب الأحبار، وليست عن رسول الله ÷، وما قدّمناه من قول البخاري وغيره في حديث التربة من أكبر الأدلة المبرهنة لما نقول.
  ومما يؤيد هذا ويؤكده أيضاً أن سيدنا عمر ¥ كان قد نهى أبا هريرة ¥ وكعب الأحبار عن الحديث والرواية! فعن السائب بن يزيد: سمع عمر يقول لأبي هريرة: «لتتركن الحديث عن رسول الله ÷ أو لألحقنَّك بأرض دوس! وقال لكعب: لتر كنَّ الأحاديث أو لألحقنَّك بأرض القردة»(٢).
(١) قلت: وإسناد هذا النص صحيح، ذكره ابن كثير في «البداية» (١٠٩/ ٨) فقال: «وقال مسلم بن الحجاج: حدثنا عبدالله بن عبدالرحمن الدارمي، حدثنا مروان الدمشقي، عن الليث بن سعد، حدثني بكير بن الأشج قال: قال لنا بسر بن سعيد ...» به. وقال المعلّق على «سير أعلام النبلاء» (٦٠٦/ ٢): «وهذا سند صحيح».
(٢) رواه أبو زرعة الدمشقي في تاريخه (١٤٧٥) كما في حاشية «سير أعلام النبلاء» (٦٠١/ ٢)، وقال المعلّق هناك: «وهذا إسناد صحيح».