الفصل الرابع بطلان الإحتجاج بالإسرائيليات
  وما أعجبني ما قاله الذهبي في «سير أعلام النبلاء» (٥١٣/ ١٣): «قال أبو أحمد بن عدي: كان المعمري كثير الحديث صاحب حديث بحقه، كما قال عبدان: إنَّه لم ير مثله، وما ذكر عنه أنه رفع أحاديث وزاد في متون، قال: هذا شيء موجود في البغداديين خاصَّة وفي حديث ثقاتهم وأنهم يرفعون الموقوف، ويصلون المرسل ويزيدون في الإسناد»(١) (!).
  قلت: إذا اختلف الرواة في رفع الحديث ووقفه وتبيّن لنا بالنظر في متنه أنه يبعد أن يكون قولاً للنبي ÷، فإننا نجزم بأنه موقوف! وإذا كانت الأفكار الواردة في ذلك المتن ظاهرة للفاحص المتأمل أنها مستقاة من الإسرائيليات بعلامة من العلامات التي تظهر للباحثين والمحققين في هذا المهيع، فإنَّه يتبيَّن لنا ساعتئذ أنه من الأفكار الإسرائيلية المتسربة إلى هذه الأمة والتي صُيِّرَتْ حديثاً مرفوعاً فيما بعد(٢)! فمن كان له اعتراض على ذلك الرأي الذي يخرج به الباحث المنصف المتجرّد عن العصبيات المذهبية والفكرية المختلفة فليردَّ على ذلك الباحث أو المحدث أو الناقد بعلم وإخلاص إذا كان مراد الجميع الوصول للحق، وتقصي الحقائق للوقوف على حقائق الأمور وما أراده الله تعالى منَّا!.
  ومن هذا يتبيَّن لنا أنَّ القاعدة القائلة: (إذا اختلف بعض الرواة في رفع حديث وبعضهم في وقفه، فالحكم أنه مرفرع) ليست صحيحة على إطلاقها
(١) من الطائف أنَّ الذهبي نقل في السير (٨٣/ ٩) الإجماع على كراهة السكنى ببغداد! ولذلك فإنَّ كثيراً من الرجال الذين سينقل عنهم آراء توافقه عند سرد أقوال الأئمة أو في أسانيد أقوال الأئمة هم بغداديون هذه صفتهم! فتنبَّه لهذه الدقيقة!.
(٢) وإن كانت في الصحيحين! فقد قال الذهبي في «سير النبلاء» (٣٥٩/ ١٣): إن من رواة الصحيحين مبتدعة! قلت: هم أمثال حريز وعمران بن حطان ونحوهما!