الفصل الرابع بطلان الإحتجاج بالإسرائيليات
  وهي في بعض الأحاديث سراب يحسبه الظمآن ماءً(١).
  ومن ذلك يجب أن تعرف أن أحاديث الصحيحين يجوز دخول النقد عليها كباقي الكتب المصنّفة في علم السنة المطهرة من صحاح وسنن وغيرها! مع قولنا بأنَّ مصنفيها إمامان جليلان بذلا جهداً كبيراً في تنقية الأخبار والآثار وغربلتها وتصفيتها، فجزاهما الله تعالى عن سنة الحبيب المصطفى ÷ خير الجزاء، ومع كل هذا لا يعني ذلك أنَّ كل ما في الكتابين صحيح، وكذا لا ندَّعي العصمة لهما، أو ننزههما عن الخطأ ونحوه! وذلك لأنَّ الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه هو كتاب الله تعالى الذي لا يقاربه كتاب أي أحد من البشر، ولو اجتمع الخلق عليه! لأنه لا يمكن أن يقارَن ويوازي ما بين كتاب الله تعالى وبين كتاب أحد من البشر، وخاصة أنه لم يكن من الأنبياء والمرسلين! فكيف وقد توجَّه النقد للصحيحين من أكابر وفطاحل أهل العلم من أهل عصرهما ومن جاء بعدهما كالدار قطني، مروراً بمن ذكرهم الحافظ في شرحه الفتح إلى مشايخنا ومشايخ مشايخنا الذين تلقينا عنهم هذا العلم بالأسانيد المتصلة.
(١) ويجب أن نعلم جميعاً بأنّ قواعد المصطلح أعني مصطلح الحديث وما يتعلّق بذلك هي من وضع البشر وإجتهاداتهم! أعني أنها من وضع الأئمة رحمهم الله تعالى، فليس هي وحياً منزلاً لا يجوز معارضته! لا سيما وقد اختلفوا في كثير منها! أضف إلى ذلك أنهم لا يطبّقونها كثيراً عند التصحيح والتضعيف! فليس لإنسان أن يضلل خصومه أو يخطئهم لمجرد مخالفتهم لقاعدة في المصطلح أو لقضية ادّعى بعض الناس الإجماع فيها، وليس فيها إجماع حقيقة عند كل متأمل في الأدلة، وأقوال أهل العلم فيا! وكلامنا هنا جميعه في العالم المطلع الصادق المخلص، الذي هّمه أن يصل إلى معرفة الحكم وحقائق الأمور، لا العامي أو المارق الذي يريد أن يتخذ من الخلاف معتمداً لاتباع الهوى، أو التحايل على الشريعة، أو الطعن في العلم والعلماء! أو إضاعة الحقائق!.