علوم الحديث عند الزيدية والمحدثين،

عبدالله بن حمود العزي (معاصر)

الفصل الرابع بطلان الإحتجاج بالإسرائيليات

صفحة 329 - الجزء 1

  ولا بأس ههنا من ضرب بعض الأمثلة على نماذج من أقوال أهل العلم في جواز دخول النقد على الكتابين لنكون على بصيرة من أمرنا، ولنعلم هل إذا انتقدنا حديثاً فيهما نكون قد خالفنا الإجماع وخرجنا عن دائرة العلم، وتركنا سبيل المؤمنين وابتدعنا ما لا يجوز فعله، وافترقنا منكراً من القول وزوراً؟.

  أقول: أبدأ في عرض أقوال مشايخنا ومشايخ مشايخنا ومنهم السادة الغماريون أعلى الله منارهم، وجعل الفردوس قرارهم فأقول:

  ١ - قال الحافظ الجهبذ السيد أحمد بن الصديق الغماري في أواخر كتابه «المغير» ص (١٣٧): «فكم من حديث صححه الحفاظ وهو باطل بالنظر إلى معناه ومعارضته للقرآن أو السنة الصحيحة، أو مخالفة الواقع والتاريخ، وذلك لدخول الوهم والغلط فيه على المعروف بالعدالة، بل قد يتعمّد الكذب، فإنَّ الشهرة بالعدالة لا تفيد القطع في الواقع، ومنها أحاديث الصحيحين، فإنَّ فيهما ما هو مقطع ببطلانه، فلا تغترّ بذلك، ولا تتهيب الحكم عليه بالوضع، لما يذكرونه من الإجماع على صحة ما فيهما، فإنها دعوي فارغة، لا تثبت عند البحث والتمحيص، فإنَّ الإجماع على صحة جميع أحاديث الصحيحين غير معقول ولا واقع، ولتقرير ذلك موضع آخر، وليس معنى هذا أنَّ أحاديثهما ضعيفة أو باطلة أو يوجد فيها ذلك بكثرة كغيرهما من المصنَّفات في الحديث، بل المراد أنه يوجد فيهما أحاديث غير صحيحة لمخالفتها للواقع، وإن كان سندها صحيحاً على شرطهما». فتأمل في هذا الكلام النفيس فإنه أنفس وأوضح كلام وقفت عليه في هذه القضية، وفيه أنه لا يتعيَّن الإقتصار على بعض الأحاديث التي انتقدت سابقاً، وإنما