علوم الحديث عند الزيدية والمحدثين،

عبدالله بن حمود العزي (معاصر)

الفصل الثالث خبر الآحاد من حيث القوة والضعف

صفحة 52 - الجزء 1

  وقد اختلف في كيفية العرض على أنحاء، فقيل: لا بد من عرض كل حديث وهذا يصعب⁣(⁣١) إذ بعض الأحكام أخذت من السنة فقط.

  وقيل: المراد العرض الجملي، ومعنى فلا يأباه الكتاب ويوجد له فيه ماسة.

  وقيل: بل يعرض ولو على قوله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ}⁣[الحشر: ٧]، وحينئذ فلا يشترط إلا صحة كونه عن الرسول ÷، مع عدم معارضته للقاطع من كل وجه، وأمكن الجمع في الظنيات فتحصل أن ما في السنة على خمسة أقسام: ما أمكن عرضه على الكتاب تفصيلاً وهذا لا إشكال في صحته.

  قلت: ومراد الإمام # أنه لا إشكال في صحة العمل بموجبه، لأنه قد عرف حكمه من الكتاب، ولم يكن إلا مؤكداً له إن صح، فأما الحديث فلا ثقة به إلا بصحة طريقه، نعم ظاهر الخبر أن ما وافق الكتاب فهو صحيح من غير نظر في طريقه، لقوله: «فما وافق كتاب الله فهو مني وأنا قلته»، لكنه مخصوص بالأدلة الموجبة للنظر في طرق الأخبار مثل قوله ø: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا}⁣[هود: ١١٣]، وقوله تعالى: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا}⁣[الحجرات: ٦]، واشتراط الضبط والعدالة في النقلة أمر متفق عليه في الجملة، ويحتمل أن تخصص تلك الأدلة بعموم ذلك الخبر، فيكون من أخبر بما يوافق الكتاب صادقاً وإن كافراً أو فاسقاً، ويكون إعلاماً من الله تعالى أنه لا يخبر بما يوافق الكتاب إلا وهو حق وصدق وصواب، فهذان عمومان تعارضا يمكن الجمع بينهما بتخصيص أحدهما


(١) أي إن فسرت المخالفة بالمغايرة كما سبق، ويدل على أن ذلك هو المراد قوله: إذ بعض الأحكام ... إلخ. تمت من المؤلف أيده الله.