في العدل والرد على المجبرة
في العدل والرد على المجبرة(١)
  وما سأل عنه المجبرة يقال لهم: أخبرني عرفت فيما عرفت من صفة الله جل وتعالى أنه حكيم قادر؟
  فإن قال: نعم، قيل له: افهم ما قلت. ثم يسأل عن معنى الحكيم ما هو ومعنى القادر ما هو؟ فإن قال: هما من أسمائه الحسنى، قيل له: قد يعلم أن الأسماء الحسنى له ولكن ألست تعلم أن الحكيم الحسن الفعل في كل شيء العدل في حكمه؟ فإذا قال: بلى قيل له: والقادر ما معناه؟ فإن هو عرف المعنى وإلا قيل له: القادر الذي لا يعجزه شيء ولا يمتنع منه شيء أراده. فلا يجد بداً من معرفة الحكيم القادر، ثم يقال له: أخبرني عن هذا الحكيم القادر كلف العباد شيئاً أو تركهم سدى؟
  فإن قال: كلف العباد العمل بطاعته وترك معصيته(٢). قيل له: أفليس يقدر على أن يعطيهم الآلة والطاقة لما كلفهم؛ إذ كان لا يعجزه شيء؟
  فإن قال: نعم، هو يقدر؛ قيل له: أفأولى به أن يعطيهم الآلة والطاقة لما فرض عليهم وكلفهم إذ كان بإقرارك الحكيم هو حسن الفعل عدل الحكم؟ أو لا يعطيهم الطاقة وهو يقدر عليها؟
  فإن قال: أولى به أن [لا] يعطيهم الطاقة على ما كلفهم وليس هذا من فعل الحكيم الحسن الفعل إذا كان يقدر على أن يعطي من كلف طاقة وآلة يعمل بها ما كلفه ثم لم يفعل، فهذا صفة الجور، تعالى الله عن جور الجائرين.
  وإن قال: بلى أولى به أن يعطيهم الطاقة على ما كلفهم، قيل له: أفقد فعل أو لم يفعل؟
  فإن قال: قد فعل فذلك هو الحق والحمد لله.
(١) هذا العنوان ساقط من (أ).
(٢) في (١): والترك لمعصيته.