الرد على من قال إن لله نفسا كنفس الإنسان
  نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ}[المائدة: ١١٦]، تعلم(١) ما أعلم ولا أعلم الذي تعلم، وكذلك قال ø: {كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ}[الأنعام: ١٢]، فالكاتب(٢) هو المكتوب عليه، وهو الله ø الكاتب والمكتوب عليه.
  وإن زعم أن النفس معنى غير ذاته وزعم أنه شخص. سئل عما في النفس، أهي النفس أم غير النفس؟
  فإن زعم أنها غير النفس زعم أن في ربه غير ربه، وإن زعم أن الذي في النفس هي النفس زعم أنه لا معنى لقوله: {فِي نَفْسِي}.
  ويسألون هل كانت النفس وفيها ذلك الذي هو غيرها؟
  فإن زعموا أنه لم يزل جحدوا قول الله: {هُوَ الْأَوَّلُ}[الحديد: ٣]، وإن زعموا أنها كانت وليس فيها ذلك الذي في النفس، وأن ذلك محدث - جحدوا أن يكون: كان عالماً لم يزل.
  واعلم أن للنفس في لغة العرب معاني، فمنها ما يجوز على الله تبارك وتعالى ومنها ما لا يجوز عليه.
  فمعنىً النفس التي هي الروح، وما ذكر الله تعالى من قوله: {وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ ٧}[التكوير]، فهذه النفوس هي أجزاء الناس التي هي أرواحهم. وقد قيل في اللغة [في] ذكر هذه النفس: فاضت نفس فلان، يعنون: خروج روحه، وهذا المعنى عن الله ø منفي.
  وقال الله ø في كتابه يذكر النفس بغير هذا المعنى: {خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ}[النساء: ١]، يعني: من آدم #، فسماه نفساً، ولم يرد به روحه، وقال: {يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ٢٧}[الفجر]، يعني: يا أيها الإنسان، ولم يرد النفس التي هي الروح فقط، وإنما أراد الحي الذي هو الإنسان، وكذلك قوله:
(١) في (ب): أي تعلم.
(٢) في (ب): فالكتاب.