الرد على من أنكر من الجهمية أن يكون الله سبحانه شيئا
  كذلك لما قال: {أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً}، علمنا أنه أجرى على نفسه الذكر أنه شيء ليس كالأشياء.
  فإن سأل من الجهمية سائل فقال: هل الله شيء؟
  قيل له: نعم، الله شيء لا يشبه بالأشياء، الأشياء مشيأة، وهو سبحانه شيء لا مشيأ.
  فإن قال: أنت شيء؟
  قيل له: نعم، أنا شيء مشيأ، لا أني غير مشيأ، والله شيء لا مشيأ، بل الله مشيء الأشياء لا يشبهه(١) ما شيأه وليس في قولي: أنا شيء والله شيء تشبيه؛ لما فصلناه من معنى المشيء والمشيأ، ولأن قولي أيضاً شيء اسم لازم للجميع، وجار على كل معنى، وثابت على كل موجود مشيأ كان أو يكون، ولا يقضى بإيقاعه على المسمين - مفرداً - ائتلاف ولا اختلاف، وذلك لأنك تقول: الفيل شيء والذرة شيء، وهما غير مشتبهين في قولك: هذا شيء وهذا شيء، وكذلك تقول: الإنسان شيء والشيطان شيء، وهما لا يتماثلان، وقد أوقعت على كل واحد منهما أنه شيء، وكذلك تقول آدم صلى الله عليه شيء وربنا تبارك وتعالى شيء، وهما غير متماثلين.
  فإن قال: أليس آدم مخلوقاً والذرة مخلوقة؟
  قيل له: بلى.
  فإن قال: هل يتماثلان في أنهما خلق لله؟
  قيل له: نعم.
  فإن قال ما فرق ما بين شيء وشيء وخلقٍ وخلقٍ؟
  قيل له: إن الخلق اسم له خلاف، وخلافه خالق، ولو قال القائل: الخالق
(١) في (أ): لا يشبه.