مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

الرد على من أنكر أن يكون الله واحدا ليس بذي أبعاض

صفحة 170 - الجزء 1

  ولا فيه عدد به تجزأ، وليس شيء يقال: إنه واحد في الحقيقة غير الله، وكل واحد سوى الله فهو ذو عدد مجزأ ومن عدد، وذلك لأنك تقول للواحد من الخلق: إنه له فوق وتحت وأمام وخلف وشمال ويمين، وكل واحد مما ذكرنا غير الآخر، فهذا غير واحد يضمه⁣(⁣١) اسم الواحد، وهذا الواحد هو العدد، ومن عدد كثير من اللون وغير ذلك، وهو من عدد له أشباه، والله واحد ليس لشيء من هذه المعاني المنقوصة شبيهاً؛ لأنه ليس له نظير.

  فإن قال قائل: لم لا يكون قولك: واحد تشبيهاً وقد قلت لغير الله: واحد؟!

  قيل له: إنا لم نقل لغير الله واحد بمعنى ما قلت: إن الله واحد، وليس واحد كالله في ربوبيته ووحدانيته، وليس من هو واحد في الحقيقة ليس بجزء ولا باثنين سوى الله، وكل ما سوى الله فقد يقال: واحد وهو أكثر من اثنين إذا حدد على وجه ما فسرنا من الحدود التي تلزم الخلائق؛ وذلك لأن كل واحد مما سوى الله فمسدس، وهو أكثر من اثنين وإن قيل: إنه واحد على ذكرنا. فليس الله بواحد كمعنى الآحاد المعدودة، وإنما هو إله واحد، ليس له ند ولا له شبيه، تعالى عما يقول المشبهون علواً كبيراً.

  ومعنى من معاني الواحد إذا أرادوا به دفع الاختلاف وحذف الجميع، كما قال الكميت بن زيد الأسدي:

  فضم قواصي الأحياء منهم ... فقد رجعوا كحي واحدينا

  فإن قال قائل: أرأيت إذا قلت: إن الواحد من الحساب في جميع العدد، فكذلك تقول: الله في كل شيء.

  قيل له: إن الله تبارك وتعالى في كل شيء مدبره لا محوي، وهو مع كل شيء رقيب لا يحاط به، وليس هو في شيء من الأشياء بمعنى كون الشيء في الشيء


(١) في (ب): مما يضمه.