الرد على من أنكر أن يكون الله واحدا ليس بذي أبعاض
  ولا الشيء مع الشيء، كما الله في الأشياء ومع الأشياء على غير الإحاطة، ولا يعزب الله فيها ولا هي تعزب عن الله؛ وذلك لأن كل ما كان في فعله لم يقطعه فالعرب تقول: إنه في فعله، كذلك الأشياء فعل الله ولم يقطع تدبيره منها، فلذلك قلنا: إن الله بكل مكان، فهو في كل شيء، ليس بغائب عن شيء، وقد حقق الله مقالتنا في كتابه بقوله: {وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ ٧}[الأعراف]، وقوله: {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى ٤٦}[طه]، وكذلك: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ ..} الآية [المجادلة: ٧].
  ألم تر إلى المرء يصبح صائماً ثم يقوم مصلياً وهو في ثغر، فيقال: إن فلاناً في صلاته وصيامه ورباطه، ويقال له ذلك في حال أقل قليل كونه في أفعاله.
  وأفعاله أفعال مختلفات بعضها غير بعض، ليس فعل يشغله عن الفعل الآخر، وهو في الوقت الذي هو في هذا الفعل فاعل للفعل الآخر، وليس فعله له بحاو، ولا فعله أيضاً فيه محوي، فالله أقرب من الأشياء من الشيء إلى نفسه، وهو بكل شيء أنظر وألطف.
  فإن مجن السائل من أهل التشبيه وذكر الأكبال والقيود وقال: هل الله فيها؟
  قيل له: تقدس الله وجل أن نذكره بكلام فيه تهجين، ولا يجوز أن نذكر أن الله في شيء ذكره تصغير بالمذكور؛ من أجل أن الله أخذ علينا في ميثاق الكتاب أن لا نذكره إلا بالأسماء الحسنى، ومن الأسماء الحسنى كل اسم لا يكون معناه عند السامع يحتمل التهجين، وقول القائل: ربه في السلاسل والكبول تصغير بذكر الله وتهجين، تعالى الله ø وارتفع عن ذلك وعن أن نذكره به؛ لأن المذكور بهذا مذكور بالإحاطة والقلة، والله عن ذلك يتعالى. وإذا ذكر الرب بالاسم العام كان له تعظيماً، وإذا ذكر بالاسم الخاص كان له تهجيناً، ولا يعرفُ الرَّبَّ من ذكره بهجنة، وقد دللنا على معنى صحيح، إذ قلنا: الله في الأشياء مبثوثة، وإن خص السائل ذكرَ شيء هو بالمذكور تصغير وتهجين، ويذكر ما يكون حواء