[العدل وما يتعلق به]
  اليسير، يريد الله جل ثناؤه بذلك التخفيف عن عباده تصديقاً لقوله: {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا ٢٨}[النساء]، وقال جل ثناؤه: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}[المؤمنون: ٧٨]، يقول: مِن ضيق.
  وقال تبارك وتعالى: {وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا}[الأنعام: ١٦٤]، فلم يُؤْتَ أحدٌ من قِبَلِ الله تبارك وتعالى في دينه، وإنما يؤتى العبد من نفسه بسوء نظره، وإيثار هواه وشهواته، ومن قِبَل الشيطان عدوه الذي يوسوس في صدره ويزين له سوء علمه، ويتبعه فيضله ويرديه، ويهديه إلى عذاب السعير.
  وقال الله جل ثناؤه يحذر عباده الشيطان: {يَابَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ}[الرعد: ٢٧]، وقال تبارك وتعالى: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ}[البقرة: ٢٦٨]، وقال سبحانه: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ ٦}[فاطر]، أعاذنا الله وإياكم من ذلك.
  وعلى العبد أن يعلم أنه لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم الكريم الحليم، وأن الله جل ثناؤه عالم بما العباد عاملون، وإلى ما هم صائرون، وأنه أحاط بكل شيء علماً، وأحصى كل شيء عدداً، وأنه لم يُجبِر أحداً على معصية، ولم يَحُل بين أحد وبين الطاعة، فالعباد عاملون والله جل ثناؤه العالم بأعمالهم، والحافظ لأفعالهم، والمحصي لأسرارهم وآثارهم، وهو بما يعملون خبير.
  وعلى العبد أن يعلم أن الله جل ثناؤه يضل من يشاء ويهدي من يشاء، وأنه لا يضل أحداً حتى يبين لهم ما يتقون، فإذا بيَّن لهم ما يتقون، وما يأتون وما يذرون، فأعرضوا عن الهدى، وصاروا إلى الضلالة والردى - أضلهم بأعمالهم الخبيثة حتى ضلوا، كذلك قال جل ثناؤه: {وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ}[إبراهيم: ٢٧]، وقال سبحانه: {وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ ٢٦ الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ}[البقرة: ٢٧]، وقال تبارك وتعالى: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ}[الصف: ٥]،