مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[التوبة]

صفحة 221 - الجزء 1

  تقية فإنكار ذلك بالقلب، والعزم على التغيير إذا أمكن الأمر ولا يترك صاحب المنكر حتى يتوب منه أو يقام فيه حكم رب العالمين. ويُدرأ أهل المنكر ويوعظون بأرفق الوجوه، فإن أبوا إلا المقام على المنكر فقدر على إزالتهم عنه فلا يؤخر ذلك، وإن لم يقدر على إزالتهم جونبوا بمجانبةٍ جميلة، وقُطعت الولاية عنهم، ولا يُدعى لهم بخير حتى يتوبوا إلى ربهم، لإنه {يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ٢٥}⁣[الشورى].

[التوبة]

  وعلى العبد أن يتقي الله في سر أمره وعلانيته، ويستغفر الله ويتوب إلى الله من ذنوبه، فإنه يقبل التوبة عن عباده، بذلك وصف نفسه جل ثناؤه، فقال: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى ٨٢}⁣[طه]، ثم دعا عباده إلى التوبة، ثم أخبرهم أنه يقبلها، فقال: {وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ ٩٠}⁣[هود]، وقال: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ٣١}⁣[النور].

  فمن تاب إلى الله قَبِلَ توبته وإن كانت ذنوبه عدد الرمل⁣(⁣١) وأكثر من ذلك؛ لأنه كريم، وهو بعباده رؤوف رحيم، يقبل التوبة، ويقيل العثرة، ويقبل المعذرة، ويغفر الخطيئة إذا صحت من العبد التوبة. وقال جل ثناؤه: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا ٦٨ يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا ٦٩ إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ٧٠}⁣[الفرقان]، فمن تاب من ذنبه قَبِل الله توبته وأحبه، كذلك قال جل ثناؤه: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ٢٢٢}⁣[البقرة]،


(١) في (أ): الرمال.