مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[التوبة من القتل والجراحات]

صفحة 225 - الجزء 1

  لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا}⁣[الإسراء: ٣٣]، فقد سلط الله جل ثناؤه أولياء المقتول على القاتل، إن شاءوا قتلوا وإن شاءوا عفوا وأخذوا الدية.

  وإن تاب فيما بينه وبين الله ولم يمكن أولياء المقتول من نفسه لم يسعه ذلك ولم تقبل توبته، فإن لم يعرف أولياء المقتول عزم القاتل على أن يُمكِّن من نفسه أولياء المقتول متى عرفهم، يصنعون⁣(⁣١) به ما لهم عليه من القتل أو الدية والعفو، ولا يدفع نفسه إلى سلطان ولا إلى غيره، ولا يدفع نفسه إلا إلى أولياء المقتول.

  وإن لم يتب إلى ربه جل ثناؤه ويُمكِّن أولياء المقتول من نفسه كان كما قال الله جل ثناؤه: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ٩٣}⁣[النساء].

  وأما ما كان من جراحات سوى القتل مما يجب فيه القصاص فإنه يتوب إلى الله جل ثناؤه منها بالندم عليها والعزم على أن لا يعود، ويمكن من نفسه بعد التوبة إلى الله جل ثناؤه مَن فَعَلَه به، فإن اقتصَّ منه فلا شيء عليه، وإن عفا عنه فذلك إليه.

  وإن كانت جراحات قد بَرِأ منها أصحابها، ولم يكن أمكنهم القصاص من نفسه، فلم يعلم مقدارها لبرءٍ فلا قصاص عليه فيها؛ لأنه لا يعلم قدر ذلك، وعليه أرش الجراحات يقيمه عدل، يتوخى في ذلك الصواب، فيدفع ذلك إلى أصحاب الجراحات، فإن لم يعرف أصحابها دفع ذلك إلى ورثتهم الذين يقومون بذلك.

  وإن كان لا يعرف أصحاب الحقوق دفع ذلك القدر إلى المساكين إذا قدر على ذلك.

  وما كان من الجراحات مما لا قصاص فيه مما يكون فيه حكومة عدل دفع إلى من صنع به ذلك إن كانوا أحياء، وإن كانوا أمواتاً دفع ذلك إلى ورثتهم، فإن لم يعرفهم ولا ورثتهم دفع ذلك إلى المساكين إذا قدر على ذلك.


(١) في (أ): فيصنعون.