أصول العدل والتوحيد
  التي بها وجب التعبد على جميع المكلفين.
  ثم نعود إلى تفسير هذه الجملة وشرحها وتبيين عللها وما تكمل به المعارف من تقسيمها، فأول ما نذكره من ذلك معرفة الله ø، وهي عقلية منقسمة على وجهين: هما إثبات ونفي، فالإثبات: هو اليقين بالله والإقرار به، والنفي: هو نفي التشبيه عنه تعالى، وهو التوحيد.
  وهو ينقسم على ثلاثة أوجه:
  أولها: الفرق بين ذات الخالق وذات المخلوق، حتى تنفي عنه ما يليق بالمخلوقين في كل معنى من المعاني، صغيرها وكبيرها، وجليلها ودقيقها، حتى لا يخطر في قلبك في التشبيه خاطر شك ولا توهيم ولا ارتياب، حتى توحد الله سبحانه باعتقادك وقولك وفعلك، فإن خطرت على قلبك في التشبيه خاطرة شك فلم تنف عن قلبك بالتوحيد خاطرها، وتُمِطْ باليقين البتِّ والعلم المثبت حاضرها - فقد خرجت من التوحيد إلى الشرك، ومن اليقين إلى الشك؛ لأنه ليس بين التوحيد والشرك وبين اليقين والشك منزلة ثالثة. فمن خرج من التوحيد فإلى الشرك مخرجه، ومن فارق اليقين ففي الشك موقعه.
  والوجه الثاني: فهو الفرق بين الصفتين، حتى لا تصف القديم بصفة من صفات المحدثين.
  والوجه الثالث: فهو الفرق بين الفعلين، حتى لا تشبِّه فعل القديم بفعل المخلوقين، فمن شبَّه بين الصفتين ومثَّل بين الفعلين فقد جمع بين الذاتين، وخرج إلى الشك والشرك بالله، وبرئ من التوحيد والإيمان، وصار حكمه في ذلك حكم من أشرك، اعتقد ذلك أو امترى(١) فشك، فهذه جملة التوحيد
(١) وامترى (نخ).